الْحَسَنِ بْنُ كَالِي لَيْلَةً وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ فَفَرَّقَهُمْ، وَبَقِيَ فِي بَيْتٍ هُوَ وَالْعَلَوِيُّ، فَقَامَ إِلَى الْعَلَوِيِّ لِيَقْتُلَهُ، فَظَفِرَ بِهِ الْعَلَوِيُّ وَقَتَلَهُ، وَخَرَجَ مِنَ الدَّارِ وَاخْتَفَى، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَرْسَلَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْقُوَّادِ يُعَرِّفُهُمُ الْحَالَ فَفَرِحُوا بِقَتْلِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ كَالِي، وَأَخْرَجُوا الْعَلَوِيَّ، وَأَلْبَسُوهُ الْقَلَنْسُوَةَ وَبَايَعُوهُ، فَأَمْسَى أَسِيرًا، وَأَصْبَحَ أَمِيرًا، وَجَعَلَ مُقَدَّمُ جَيْشِهِ عَلِيَّ بْنَ خُرْشِيدَ وَرَضِيَ بِهِ الْجَيْشُ، وَكَاتَبُوا أَسْفَارَ بْنَ شِيرُوَيْهِ، وَعَرَّفُوهُ الْحَالَ، وَاسْتَقْدَمُوهُ إِلَيْهِمْ، فَاسْتَأْذَنَ بَكْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَارَ إِلَى جُرْجَانَ، وَاتَّفَقَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ خُرْشِيدَ، وَضَبَطُوا تِلْكَ النَّاحِيَةَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مَاكَانُ بْنُ كَالِي، مِنْ طَبَرِسْتَانَ، فِي جَيْشِهِ، فَحَارَبُوهُ وَهَزَمُوهُ وَأَخْرَجُوهُ عَنْ طَبَرِسْتَانَ، وَأَقَامُوا بِهَا وَمَعَهُمُ الْعَلَوِيُّ، فَلَعِبَ يَوْمًا بِالْكُرَةِ، فَسَقَطَ عَنْ دَابَّتِهِ فَمَاتَ.
ثُمَّ مَاتَ عَلِيُّ بْنُ خُرْشِيدَ صَاحِبُ الْجَيْشِ، وَعَادَ مَاكَانُ بْنُ كَالِي إِلَى أَسْفَارٍ، فَحَارَبَهُ، فَانْهَزَمَ أَسْفَارٌ مِنْهُ، وَرَجَعَ إِلَى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَلْيَسَعَ، وَهُوَ بِجُرْجَانَ، وَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بَكْرٌ بِهَا، فَوَلَّاهَا الْأَمِيرُ السَّعِيدُ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَسْفَارَ بْنَ شِيرَوَيْهِ، وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَرْسَلَ أَسْفَارٌ إِلَى مَرْدَاوِيجَ بْنِ زَيَّارَ الْجِيلِيِّ يَسْتَدْعِيهِ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ، وَجَعَلَهُ أَمِيرَ الْجَيْشِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَقَصَدُوا طَبَرِسْتَانَ وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا.
وَنَحْنُ نَذْكُرُ حَالَ ابْتِدَاءِ مَرْدَاوِيجَ وَكَيْفَ تَقَلَّبَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالرُّومِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ طَرَسُوسَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا الْعَدُوُّ فَاقْتَتَلُوا (فَاسْتَظْهَرَ الرُّومُ) وَأَسَرُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَمِائَةِ رَجُلٍ، فَقُتِلُوا صَبْرًا.
وَفِيهَا سَارَ الدُّمُسْتُقُ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ مِنَ الرُّومِ إِلَى مَدِينَةِ دَبِيلَ، وَفِيهَا نَصْرٌ السُّبْكِيُّ فِي عَسْكَرٍ يَحْمِيهَا، وَكَانَ مَعَ الدُّمُسْتُقِ دَبَّابَاتٌ وَمَجَانِيقُ وَمَعَهُ مِزْرَاقٌ يَزْرُقُ بِالنَّارِ عِدَّةَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَلَا يَقِرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ مِنْ شِدَّةِ نَارِهِ وَاتِّصَالِهِ، فَكَانَ مِنْ أَشَدِّ شَيْءٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute