للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ مَسِيرِ جَيْشِ الْمَهْدِيِّ إِلَى الْمَغْرِبِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ الْمَهْدِيُّ الْعَلَوِيُّ، صَاحِبُ إِفْرِيقِيَّةَ، ابْنَهُ أَبَا الْقَاسِمِ مِنَ الْمَهْدِيَّةِ إِلَى الْمَغْرِبِ فِي جَيْشٍ كَثِيرٍ، فِي صَفَرٍ، لِسَبَبِ مُحَمَّدِ بْنِ خَرَزٍ الزَّنَاتِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ظَفِرَ بِعَسْكَرٍ مِنْ كُتَامَةَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَسَيَّرَ وَلَدَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ تَفَرَّقَ الْأَعْدَاءُ، وَسَارَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَا وَرَاءِ تَاهَرْتَ، فَلَمَّا عَادَ مِنْ سَفْرَتِهِ هَذِهِ خَطَّ بِرُمْحِهِ فِي الْأَرْضِ صِفَةَ مَدِينَةٍ وَسَمَّاهَا الْمُحَمَّدِيَّةَ، وَهِيَ الْمَسِيلَةُ.

وَكَانَتْ خُطَّتُهُ لَبَنِي كُمْلَانَ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا، وَنَقَلَهُمْ إِلَى فَحْصِ الْقَيْرَوَانِ، كَالْمُتَوَقِّعِ مِنْهُمْ أَمْرًا، فَلِذَلِكَ أَحَبُّوا أَنْ يَكُونُوا قَرِيبًا مِنْهُ، وَهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ أَبِي يَزِيدَ الْخَارِجِيِّ، وَانْتَقَلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ إِلَى الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَأَمَرَ عَامِلَهَا أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الطَّعَامِ وَيُخَزِّنَهُ وَيَحْتَفِظَ بِهِ (فَفَعَلَ ذَلِكَ) ، فَلَمْ يَزَلْ مَخْزُونًا إِلَى أَنْ خَرَجَ أَبُو يَزِيدَ وَلَقِيَهُ الْمَنْصُورُ، وَمِنَ الْمُحَمَّدِيَّةِ كَانَ يَمْتَارُ مَا يُرِيدُ إِذْ لَيْسَ بِالْمَوْضِعِ مَدِينَةٌ سِوَاهَا.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمِسْمَعِيِّ مِنْ حُمَّى حَادَّةٍ، وَكَانَ مَوْتُهُ بِالنُّوبَنْدَجَانِ، فَاسْتَعْمَلَ الْمُقْتَدِرُ مَكَانَهُ عَلَى فَارِسَ يَاقُوتًا، وَاسْتَعْمَلَ عِوَضَهُ عَلَى كَرْمَانَ أَبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمَا.

وَفِيهَا شَغَبَ الْفُرْسَانُ بِبَغْدَاذَ، وَخَرَجُوا إِلَى الْمُصَلَّى، وَنَهَبُوا الْقَصْرَ الْمَعْرُوفَ بِالثُّرَيَّا، وَذَبَحُوا مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْوَحْشِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مُؤْنِسٌ، وَضَمِنَ لَهُمْ أَرْزَاقَهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ.

وَفِيهَا ظَفِرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِرُ لِدِينِ اللَّهِ الْأُمَوِيُّ، صَاحِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>