مُؤْنِسٌ بِالتَّجْهِيزِ، وَأَنْفَقَ ذَلِكَ الْمَالَ، وَسَارَ الْعَسْكَرُ وَفِيهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.
وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ قَدِ اسْتَبَدَّ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَمْرِ، فَنَفَرَتْ لِذَلِكَ قُلُوبُ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْقُوَّادِ وَالْجُنْدِ فَلَمَّا قَرُبَ الْعَسْكَرُ مِنْ وَاسِطَ أَظْهَرَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْقُوَّادِ مَا فِي نُفُوسِهِمْ، وَفَارَقُوهُ، وَلَمَّا وَصَلَ بُلَيْقٌ إِلَى السُّوسِ فَارَقَ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ الْأَهْوَازَ وَسَارَا إِلَى تُسْتَرَ، فَعَمِلَ الْقَرَارِيطِيُّ، وَكَانَ مَعَ الْعَسْكَرِ، (بِأَهْلِ الْأَهْوَازِ) مَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ: نَهَبَ أَمْوَالَهُمْ، وَصَادَرَهُمْ جَمِيعَهُمْ، وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
وَنَزَلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَابْنُ يَاقُوتٍ بِتُسْتَرَ، وَفَارَقَهُمَا مَنْ مَعَهُمَا مِنَ الْقُوَّادِ إِلَى بُلَيْقٍ بِأَمَانٍ وَبَقِيَ مُفْلِحٌ وَسُرُورٌ الْخَادِمُ مَعَ عَبْدِ الْوَاحِدِ، فَقَالَا لِمُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتٍ: أَنْتَ مُعْتَصِمٌ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ، وَبِمَالِكَ وَرِجَالِكَ، وَنَحْنُ فَلَا مَالَ مَعَنَا، وَلَا رِجَالَ، وَمُقَامُنَا مَعَكَ يَضُرُّكَ، وَلَا يَنْفَعُكَ، وَقَدْ عَزَمْنَا عَلَى أَخْذِ الْأَمَانِ لَنَا وَلِعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْمُقْتَدِرِ، فَأَذِنَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ فَكَتَبَا إِلَى بُلَيْقٍ فَأَمَّنَهُمْ، فَعَبَرُوا إِلَيْهِ، وَبَقِيَ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ مُنْفَرِدًا، فَضَعُفَتْ نَفْسُهُ، وَتَحَيَّرَ، فَتَرَاسَلَ هُوَ وَبُلَيْقٌ، وَاسْتَقَرَّ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى بُلَيْقٍ عَلَى شَرْطٍ أَنَّهُ يُؤَمِّنُهُ، وَيَضْمَنُ لَهُ أَمَانَ مُؤْنِسٍ وَالْقَاهِرِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَحَلَفَ لَهُ، وَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَاسْتَوْلَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيُّ عَلَى الْبِلَادِ، وَعَسَفَ أَهْلَهَا، وَأَخَذَ أَمْوَالَ التُّجَّارِ وَعَمِلَ بِأَهْلِ الْبِلَادِ مَا لَا يَعْمَلُهُ الْفِرِنْجُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَحَدٌ عَمَّا يُرِيدُ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الدِّينِ مَا يَزَعُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَعَادَ إِخْوَتُهُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ، وَلَمَّا عَادَ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ وَفَى لَهُمُ الْقَاهِرُ، وَأَطْلَقَ لِعَبْدِ الْوَاحِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute