ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى طَرِيفٍ السُّبْكَرِيِّ
لَمَّا تَمَكَّنَ الْقَاهِرُ، وَقَبَضَ عَلَى مُؤْنِسٍ وَأَصْحَابِهِ، وَقَتَلَهُمْ، لَمْ يَقِفْ عَلَى الْيَمِينِ وَالْأَمَانِ اللَّذَيْنِ كَتَبَهُمَا لِطَرِيفٍ، وَكَانَ الْقَاهِرُ يُسْمِعُ طَرِيفًا مَا يَكْرَهُ، وَيَسْتَخِفُّ بِهِ، وَيَعْرِضُ لَهُ بِالْأَذَى، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ خَافَهُ، وَتَيَقَّنَ الْقَبْضَ عَلَيْهِ وَالْقَتْلَ، فَوَصَّى وَفَرَغَ مِنْ جَمِيعِ مَا يُرِيدُهُ.
وَاشْتَغَلَ الْقَاهِرُ عَنْهُ بِقَبْضِ مَنْ قَبَضَ عَلَيْهِ مِنْ وَزِيرٍ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ أَحْضَرَهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ عَلَى وَزِيرِهِ أَبِي جَعْفَرٍ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، فَتَيَقَّنَ الْقَتْلَ أُسْوَةً بِمَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَرُفَقَائِهِ، فَبَقِيَ مَحْبُوسًا يَتَوَقَّعُ الْقَتْلَ صَبَاحًا وَمَسَاءً إِلَى أَنْ خُلِعَ الْقَاهِرُ.
ذِكْرُ أَخْبَارِ خُرَاسَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ مَرْدَاوِيجُ مِنَ الرَّيِّ إِلَى جُرْجَانَ، وَبِهَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ مَرِيضًا، فَلَمَّا قَصَدَهُ مَرْدَاوِيجُ عَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَكَانَ السَّعِيدُ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بِنَيْسَابُورَ، فَلَمَّا بَلَغَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ سَارَ السَّعِيدُ نَحْوَ جُرْجَانَ، وَكَاتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَلْغَمِيُّ (مُطَرِّفَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَزِيرَ مَرْدَاوِيجَ، وَاسْتَمَالَهُ، فَمَالَ إِلَيْهِ، فَانْتَهَى الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى مَرْدَاوِيجَ، فَقَبَضَ عَلَى مُطَرِّفٍ وَقَتَلَهُ.
وَأَرْسَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَلْغَمِيُّ) إِلَى مَرْدَاوِيجَ يَقُولُ لَهُ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَسْتَحْسِنُ كُفْرَ مَا يَفْعَلُهُ مَعَكَ الْأَمِيرُ السَّعِيدُ، وَأَنَّكَ إِنَّمَا حَمَلَكَ عَلَى قَصْدِ جُرْجَانَ وَزِيرُكَ مُطَرِّفٌ لِيَرَى أَهْلُهَا مَحَلَّهُ مِنْكَ، كَمَا فَعَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ كَاتِبُ عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ، حَمَلَ عَمْرًا عَلَى قَصْدِ بَلْخَ لِيُشَاهِدَ أَهْلُهَا مَنْزِلَتَهُ مِنْ عَمْرٍو، فَكَانَ مِنْهُ مَا بَلَغَكَ، وَأَنَا لَا أَرَى مُنَاصَبَةَ مَلِكٍ يُطِيفُ بِهِ مِائَةُ أَلْفِ رَجُلٍ مِنْ غِلْمَانِهِ وَمَوَالِيهِ وَمَوَالِي أَبِيهِ، وَالصَّوَابُ أَنَّكَ تَتْرُكُ جُرْجَانَ لَهُ، وَتَبْذُلُ عَنِ الرَّيِّ مَالًا تُصَالِحُهُ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ مَرْدَاوِيجُ ذَلِكَ، وَعَادَ عَنْ جُرْجَانَ، وَبَذَلَ عَنِ الرَّيِّ مَالًا، وَعَادَ إِلَيْهَا، وَصَالَحَهُ السَّعِيدُ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute