إِلْيَاسَ إِلَيْهِ فَصَارَ مَعَهُ، فَلَمَّا أَدْبَرَ أَمْرُهُ سَارَ مُحَمَّدٌ مِنْ نَيْسَابُورَ إِلَى كَرْمَانَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، فَأَزَالَهُ مَاكَانُ عَنْهَا، فَسَارَ إِلَى الدِّينَوَرِ، وَأَقَامَ مَاكَانُ بِكَرْمَانَ، فَلَمَّا عَادَ عَنْهَا - عَلَى مَا نَذْكُرُهُ - رَجَعَ إِلَيْهَا مُحَمَّدُ بْنُ إِلْيَاسَ.
ذِكْرُ خَلْعِ الْقَاهِرِ بِاللَّهِ
وَفِيهَا خُلِعَ الْقَاهِرُ بِاللَّهِ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ كَانَ مُسْتَتِرًا مِنَ الْقَاهِرِ، وَالْقَاهِرُ يَتَطَلَّبُهُ، وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ، فَكَانَا يُرَاسِلَانِ قُوَّادَ السَّاجِيَّةِ، وَالْحَجَرِيَّةِ، وَيُخَوِّفَانِهِمْ مِنْ شَرِّهِ، وَيَذْكُرَانِ لَهُمْ غَدْرَهُ وَنَكْثَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، كَقَتْلِ مُؤْنِسٍ، وَبُلَيْقٍ، وَابْنِهِ عَلِيٍّ بَعْدَ الْأَيْمَانِ لَهُمْ، وَكَقَبْضِهِ عَلَى طَرِيفٍ السُّبْكَرِيِّ بَعْدَ الْيَمِينِ لَهُ، مَعَ نُصْحِ طَرِيفٍ لَهُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَكَانَ ابْنُ مُقْلَةَ يَجْتَمِعُ بِالْقُوَّادِ لَيْلًا، تَارَةً فِي زِيِّ أَعْمَى، وَتَارَةً فِي زِيِّ مُكَدٍّ، وَتَارَةً فِي زِيِّ امْرَأَةٍ، وَيُغْرِيهِمْ بِهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ أَعْطَى مُنَجِّمًا كَانَ لِسِيمَا مِائَتَيْ دِينَارٍ، وَأَعْطَاهُ الْحَسَنُ مِائَةَ دِينَارٍ، وَكَانَ يَذْكُرُ لِسِيمَا أَنَّ طَالِعَهُ يَقْتَضِي أَنْ يَنْكُبَهُ الْقَاهِرُ وَيَقْتُلَهُ، (وَأَعْطَى ابْنَ مُقْلَةَ أَيْضًا) لِمُعَبِّرٍ كَانَ لِسِيمَا يَعَبِّرُ لَهُ الْمَنَامَاتِ، فَكَانَ يُحَذِّرُهُ أَيْضًا مِنَ الْقَاهِرِ، وَيُعَبِّرُ لَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ، فَازْدَادَ نُفُورًا (مِنَ الْقَاهِرِ) .
ثُمَّ إِنَّ الْقَاهِرَ شَرَعَ فِي عَمَلِ مَطَامِيرَ فِي الدَّارِ، فَقِيلَ لِسِيمَا وَلِجَمَاعَةِ قُوَّادِ السَّاجِيَّةِ وَالْحَجَرِيَّةِ: إِنَّمَا عَمَلُهَا لِأَجْلِكُمْ، فَازْدَادَا نُفُورًا، وَنَقَلَ إِلَى سِيمَا أَنَّ الْقَاهِرَ يُرِيدُ قَتْلَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute