عَلَى مِنْبَرٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ قَدْ خَطَبَ نَادِرًا لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَكَانَ آخِرَ خَلِيفَةٍ جَالَسَ الْجُلَسَاءَ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ النُّدَمَاءُ، وَآخِرَ خَلِيفَةٍ كَانَتْ لَهُ نَفَقَتُهُ، وَجَوَائِزُهُ، وَعَطَايَاهُ، وَجِرَايَاتُهُ، وَخَزَائِنُهُ، وَمَطَابِخُهُ، وَمَجَالِسُهُ، وَخَدَمُهُ، وَحِجَابُهُ، وَأُمُورُهُ عَلَى تَرْتِيبِ الْخُلَفَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ.
ذِكْرُ خِلَافَةِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ
لَمَّا مَاتَ الرَّاضِي بِاللَّهِ، بَقِيَ الْأَمْرُ فِي الْخِلَافَةِ مَوْقُوفًا انْتَظَارًا لِقُدُومِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيِّ كَاتِبِ بُجْكُمَ (مِنْ وَاسِطَ، وَكَانَ بُجْكُمُ بِهَا) .
وَاحْتِيطَ عَلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، فَوَرَدَ كِتَابُ بُجْكُمَ مَعَ الْكُوفِيِّ يَأْمُرُ فِيهِ بِأَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ وَزِيرِ الرَّاضِي، كُلُّ مَنْ تَقَلَّدَ الْوِزَارَةَ، وَأَصْحَابُ الدَّوَاوِينِ، وَالْعَلَوِيُّونَ، وَالْقُضَاةُ، وَالْعَبَّاسِيُّونَ، وَوُجُوهُ الْبَلَدِ، وَيُشَاوِرُهُمُ الْكُوفِيُّ فِيمَنْ يُنَصَّبُ لِلْخِلَافَةِ مِمَّنْ يَرْتَضِي مَذْهَبَهُ وَطَرِيقَتَهُ، فَجَمَعَهُمُ الْكُوفِيُّ وَاسْتَشَارَهُمْ، فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمُقْتَدِرِ، وَتَفَرَّقُوا عَلَى هَذَا.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَأُحْضِرَ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، وَبُويِعَ لَهُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ أَلْقَابٌ، فَاخْتَارَ " الْمُتَّقِي لِلَّهِ "، وَبَايَعَهُ النَّاسُ كَافَّةً، وَسَيَّرَ الْخِلَعَ وَاللِّوَاءَ إِلَى بُجْكُمَ بِوَاسِطَ.
وَكَانَ بُجْكُمُ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاضِي وَقَبْلَ اسْتِخْلَافِ الْمُتَّقِي، قَدْ أَرْسَلَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute