وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، وَوَلِيَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو الْقَاسِمِ أَنُوجُورُ، فَاسْتَوْلَى عَلَى الْأَمْرِ كَافُورٌ الْخَادِمُ الْأَسْوَدُ، وَهُوَ مِنْ خَدَمِ الْإِخْشِيدِ، وَغَلَبَ أَبَا الْقَاسِمَ وَاسْتَضْعَفَهُ وَتَفَرَّدَ بِالْوَلَايَةِ، وَكَافُورٌ هَذَا هُوَ الَّذِي مَدَحَهُ الْمُتَنَبِّي ثُمَّ هَجَاهُ.
وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ صَغِيرًا، وَكَانَ كَافُورٌ أَتَابِكَهُ، فَلِهَذَا اسْتَضْعَفَهُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ، فَسَارَ كَافُورٌ إِلَى مِصْرَ، فَقَصَدَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ دِمَشْقَ، فَمَلَكَهَا وَأَقَامَ بِهَا، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ هُوَ وَالشَّرِيفُ الْعَقِيلِيُّ بِنَوَاحِي دِمَشْقَ، فَقَالَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ: مَا تَصْلُحُ هَذِهِ الْغُوطَةُ إِلَّا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَهُ الْعَقِيلِيُّ: هِيَ لِأَقْوَامٍ كَثِيرَةٍ، فَقَالَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ: لَئِنْ أَخَذَتْهَا الْقَوَانِينُ السُّلْطَانِيَّةُ لَيَنْبَرُونَ مِنْهَا، فَأَعْلَمَ الْعَقِيلِيُّ أَهْلَ دِمَشْقَ بِذَلِكَ، فَكَاتَبُوا كَافُورًا يَسْتَدْعُونَهُ، فَجَاءَهُمْ، فَأَخْرَجُوا سَيْفَ الدَّوْلَةِ عَنْهُمْ (سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ أَنُوجُورُ مَعَ كَافُورٍ، فَتَبِعُوا سَيْفَ الدَّوْلَةِ إِلَى حَلَبَ، فَخَافَهُمْ سَيْفُ الدَّوْلَةِ فَعَبَرَ إِلَى الْجَزِيرَةِ، وَأَقَامَ أَنُوجُورُ عَلَى حَلَبَ، ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا، وَعَادَ أَنُوجُورُ إِلَى مِصْرَ وَعَادَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى حَلَبَ، وَأَقَامَ كَافُورٌ بِدِمَشْقَ يَسِيرًا وَوَلِيَ عَلَيْهَا بَدْرٌ الْإِخْشِيدِيُّ، وَيُعْرَفُ بِبُدَيرٍ، وَعَادَ إِلَى مِصْرَ، فَبَقِيَ بُدَيْرٌ عَلَى دِمَشْقَ سَنَةً، ثُمَّ وَلِيَهَا أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ طُغْجَ وَقَبَضَ عَلَى بُدَيْرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute