للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا وَصَلَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى نَيْسَابُورَ، كَانَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سِيمَجُورَ، وَمَنْصُورُ بْنُ قَرَاتَكِينَ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْقُوَّادِ، فَاسْتَمَالَهُمَا أَبُو عَلِيٍّ، فَمَالَا إِلَيْهِ وَصَارَا مَعَهُ، وَدَخَلَهَا فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَنْصُورٍ مَا يَكْرَهُ فَقَبَضَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ سَارَ أَبُو عَلِيٍّ وَإِبْرَاهِيمُ مِنْ نَيْسَابُورَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] إِلَى مَرْوَ، وَبِهَا الْأَمِيرُ نُوحٌ، فَهَرَبَ الْفَضْلُ أَخُو أَبِي عَلِيٍّ مِنْ مَحْبَسِهِ، احْتَالَ عَلَى الْمُوَكَّلِينَ بِهِ وَهَرَبَ إِلَى قُوهِسْتَانَ فَأَقَامَ بِهَا، وَسَارَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى مَرْوَ، فَلَمَّا قَارَبَهَا أَتَاهُ كَثِيرٌ مِنْ عَسْكَرِ نُوحٍ، وَسَارَ نُوحٌ عَنْهَا إِلَى بُخَارَى، وَاسْتَوْلَى أَبُو عَلِيٍّ عَلَى مَرْوَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] وَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، وَأَتَاهُ أَكْثَرُ أَجْنَادِ نُوحٍ وَسَارَ نَحْوَ بُخَارَى، وَعَبَرَ النَّهْرَ إِلَيْهَا، فَفَارَقَهَا نُوحٌ وَسَارَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، وَدَخَلَ أَبُو عَلِيٍّ بُخَارَى فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَخَطَبَ فِيهَا لِإِبْرَاهِيمَ الْعَمِّ، وَبَايَعَ لَهُ النَّاسُ.

ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ اطَّلَعَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى سُوءٍ قَدْ أَضْمَرَهُ لَهُ، فَفَارَقَهُ وَسَارَ إِلَى تِرْكِسْتَانَ، وَبَقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي بُخَارَى، وَفِي خِلَالِ ذَلِكَ أَطْلَقَ أَبُو عَلِيٍّ مَنْصُورَ بْنَ قَرَاتَكِينَ، فَسَارَ إِلَى الْأَمِيرِ نُوحٍ.

ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَافَقَ جَمَاعَةً فِي السِّرِّ عَلَى أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْأَمْرِ وَيَرُدَّهُ إِلَى وَلَدِ أَخِيهِ الْأَمِيرِ نُوحٍ، وَيَكُونَ هُوَ صَاحِبَ جَيْشِهِ، وَيَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى قَصْدِ أَبِي عَلِيٍّ، وَدَعَا أَهْلَ بُخَارَى إِلَى ذَلِكَ، فَأَجَابُوهُ وَاجْتَمَعُوا وَخَرَجُوا إِلَى أَبِي عَلِيٍّ وَقَدْ تَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَرَكِبَ إِلَيْهِمْ فِي خَيْلٍ، فَرَدَّهُمْ إِلَى الْبَلَدِ أَقْبَحَ رَدٍّ، وَأَرَادَ إِحْرَاقَ الْبَلَدِ، فَشَفَعَ إِلَيْهِ مَشَايِخُ بُخَارَى، فَعَفَا عَنْهُمْ وَعَادَ إِلَى مَكَانِهِ، وَاسْتَحْضَرَ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ، وَهُوَ أَخُو الْأَمِيرِ نُوحٍ، وَعَقَدَ لَهُ الْإِمَارَةَ وَبَايَعَ لَهُ، وَخَطَبَ لَهُ فِي النَّوَاحِي كُلِّهَا.

ثُمَّ ظَهَرَ لِأَبِي عَلِيٍّ فَسَادَ نِيَّاتِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْجُنْدِ، فَرَتَّبَ أَبَا جَعْفَرٍ فِي الْبَلَدِ، وَرَتَبَ مَا يَجِبُ تَرْتِيبُهُ، وَخَرَجَ عَنِ الْبَلَدِ يُظْهِرُ الْمَسِيرَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، وَيُضْمِرُ الْعَوْدَ إِلَى الصَّغَانِيَانِ، وَمِنْهَا إِلَى نَسْفَ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَلَدِ، رَدَّ جَمَاعَةً مِنَ الْجُنْدِ وَالْحَشَمِ إِلَى بُخَارَى، وَكَاتَبَ نُوحًا بِإِفْرَاجِهِ عَنْهَا.

ثُمَّ سَارَ إِلَى الصَّغَانِيَانِ فِي شَعْبَانَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>