للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا مَاتَ وَلِيَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مَعَدٌّ، وَهُوَ الْمُعِزُّ لِدِينِ اللَّهِ، وَأَقَامَ فِي تَدْبِيرِ الْأُمُورِ إِلَى سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ، فَأَذِنَ لِلنَّاسِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَجَلَسَ لَهُمْ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ، وَكَانَ عُمُرُهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً.

فَلَمَّا دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] صَعِدَ جَبَلَ أُورَاسَ، وَجَالَ فِيهِ عَسْكَرُهُ، وَهُوَ مَلْجَأُ كُلِّ مُنَافِقٍ عَلَى الْمُلُوكِ، وَكَانَ فِيهِ بَنُو كَمْلَانَ، وَمُلَيْلَةَ، وَقَبِيلَتَانِ مِنْ هَوَارَةَ، لَمْ يَدْخُلُوا فِي طَاعَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ، فَأَطَاعُوا الْمُعِزَّ، وَدَخَلُوا مَعَهُ الْبِلَادَ، وَأَمَرَ نُوَّابَهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْبَرْبَرِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَتَاهُ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمُ الْمُعِزُّ، وَعَظُمَ أَمْرُهُ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَنِ اسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَزَرٍ الزَّنَاتِيُّ أَخُو مَعْبَدٍ، فَأَمَّنَهُ الْمُعِزُّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، ضَرَبَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ وَزِيرَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيَّ بِالْمَقَارِعِ مِائَةً وَخَمْسِينَ مِقْرَعَةً، وَوَكَّلَ بِهِ فِي دَارِهِ وَلَمْ يَعْزِلْهُ مِنْ وِزَارَتِهِ، وَكَانَ نَقِمَ عَلَيْهِ أُمُورًا ضَرْبَهُ بِسَبَبِهَا.

وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِبَغْدَاذَ فِي سُوقِ الثُّلَاثَاءِ، فَاحْتَرَقَ فِيهِ لِلنَّاسِ مَا لَا يُحْصَى.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلِكَ الرُّومُ مَدِينَةَ سِرُوجَ، وَسَبَوْا أَهْلَهَا وَغَنِمُوا أَمْوَالَهُمْ، وَأَخْرَبُوا الْمَسَاجِدَ.

وَفِيهَا سَارَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ مِنَ الرَّيِّ إِلَى طَبَرِسْتَانَ وَجُرْجَانَ، فَسَارَ عَنْهَا إِلَى نَاحِيَةِ نَسَا وَأَقَامَ بِهَا، وَاسْتَوْلَى رُكْنُ الدَّوْلَةِ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ، وَعَادَ عَنْهَا إِلَى الرَّيِّ، وَاسْتَخْلَفَ بِجُرْجَانَ الْحَسَنَ بْنَ فَيْرُزَانَ وَعَلِيَّ بْنَ كَامَةَ، فَلَمَّا رَجَعَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ عَنْهَا، قَصَدَهَا وَشْمَكِيرُ فَانْهَزَمُوا مِنْهُ، وَاسْتَرَدَّهَا وَشْمَكِيرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>