للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَذْرَبِيجَانَ، وَإِنْفَاذِهِ جَيْشًا نَحْوَهُ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ الْمَقَامُ، فَهَرَبَ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَكَانَ وُصُولُهُ هَذِهِ السَّنَةَ، فَلَقِيَهُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ وَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ فِي أَرْغَدِ عَيْشٍ.

ثُمَّ كَاتَبَهُ أَهْلُهُ وَأَصْحَابُهُ بِأَذْرَبِيجَانَ يَسْتَدْعُونَهُ، فَرَحَلَ عَنْ بَغْدَاذَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] وَطَلَبَ مِنْ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ أَنْ يُنْجِدَهُ بِعَسْكَرٍ، فَلَمْ يَفْعَلْ؛ لِأَنَّ الْمَرْزُبَانَ كَانَ قَدْ صَالَحَ رُكْنَ الدَّوْلَةِ وَصَاهَرَهُ، فَلَمْ يُمْكِنْ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مُخَالَفَةَ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، فَسَارَ دَيْسَمُ إِلَى نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ بِالْمَوْصِلِ يَسْتَنْجِدُهُ، فَلَمْ يُنْجِدْهُ، فَسَارَ إِلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِالشَّامِ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ إِلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.

وَاتُّفِقَ أَنَّ الْمَرْزُبَانَ خَرَجَ عَلَيْهِ جَمْعٌ بِبَابِ الْأَبْوَابِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَأَرْسَلَ مُقَدَّمٌ مِنْ أَكْرَادِ أَذْرَبِيجَانَ إِلَى دَيْسَمَ يَسْتَدْعِيهِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ لِيُعَاضِدَهُ عَلَى مَلِكِهَا، فَسَارَ إِلَيْهَا، وَمَلَكَ مَدِينَةَ سَلْمَاسَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَرْزُبَانُ قَائِدًا مِنْ قُوَّادِهِ، فَقَاتَلَهُ، فَاسْتَأْمَنَ أَصْحَابُ الْقَائِدِ إِلَى دَيْسَمَ، فَعَادَ الْقَائِدُ مُنْهَزِمًا، وَبَقِيَ دَيْسَمُ بِسَلْمَاسَ.

فَلَمَّا فَرَغَ الْمَرْزُبَانُ مِنْ أَمْرِ الْخَوَارِجِ عَلَيْهِ، عَادَ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ دَيْسَمَ، فَارَقَ سَلْمَاسَ وَسَارَ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ وَقَصَدَ ابْنَ الدَّيَرَانِيَّ وَابْنَ حَاجِيقَ لِثِقَتِهِ بِهِمَا، فَكَتَبَ الْمَرْزُبَانُ إِلَى ابْنِ الدَّيَرَانِيِّ يَأْمُرُهُ بِالْقَبْضِ عَلَى دَيْسَمَ، فَدَافَعَهُ ثُمَّ قَبَضَ عَلَيْهِ خَوفًا مِنَ الْمَرْزُبَانِ، (فَلَمَّا قَبَضَ عَلَيْهِ أَمَرَهُ الْمَرْزُبَانُ بِأَنْ) يَحْمِلَهُ إِلَيْهِ، فَدَافَعَهُ ثُمَّ اضْطُرَّ إِلَى تَسْلِيمِهِ، فَلَمَّا تَسَلَّمَهُ الْمَرْزُبَانُ سَمَلَهُ وَأَعْمَاهُ، ثُمَّ حَبَسَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْمَرْزُبَانُ قَتَلَ دَيْسَمَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْمَرْزُبَانِ خَوفًا مِنْ غَائِلَتِهِ.

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ الْمَرْزُبَانِ عَلَى سُمَيْرِمَ

قَدْ ذَكَرْنَا أَسْرَ الْمَرْزُبَانِ وَحَبْسَهُ بِسُمَيْرِمَ، وَأَمَّا سَبَبُ خَلَاصِهِ فَإِنَّ وَالِدَتَهُ، وَهِيَ ابْنَةُ جِسْتَانَ بْنِ وَهْسُوذَانَ الْمَلِكِ، وَضَعَتْ جَمَاعَةً لِلسَّعْيِ فِي خَلَاصِهِ، فَقَصَدُوا سُمَيْرِمَ، وَأَظْهَرُوا أَنَّهُمْ تُجَّارٌ، وَأَنَّ الْمَرْزُبَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُمْ أَمْتِعَةً نَفِيسَةً وَلَمْ يُوصِلْ ثَمَنَهَا إِلَيْهِمْ، وَاجْتَمَعُوا بِمُتَوَلِّي سُمَيْرِمَ، وَيُعْرَفُ بِبَشِيرِ أَسْفَارْ، وَعَرَّفُوهُ مَا ظَلَمَهُمْ بِهِ الْمَرْزُبَانُ، وَسَأَلُوهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>