للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ أَصْحَابُ نَجَا بِمَا أَرَادُوا، وَافْتَقَرَ أَهْلُ الْبَلَدِ، وَسَارَ نَجَا إِلَى مَيَّافَارِقِينَ، وَتَرَكَ حَرَّانَ شَاغِرَةً بِغَيْرِ وَالٍ، فَتَسَلَّطَ الْعَيَّارُونَ عَلَى أَهْلِهَا، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ نَجَا مَا نَذْكُرُهُ (سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ) [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَاشِرَ الْمُحَرَّمِ، أَمَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ النَّاسَ أَنْ يُغَلِّقُوا دَكَاكِينَهُمْ، وَيُبَطِّلُوا الْأَسْوَاقَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، وَأَنْ يُظْهِرُوا النِّيَاحَةَ، وَيَلْبِسُوا (قِبَابًا عَمَلُوهَا) بِالْمُسُوحِ، وَأَنْ يَخْرُجَ النِّسَاءُ مُنَشِّرَاتٍ الشُّعُورَ، مُسَوِّدَاتٍ الْوُجُوهَ، قَدْ شَقَقْنَ ثِيَابَهُنَّ، يَدُرْنَ فِي الْبَلَدِ بِالنَّوَائِحِ، وَيَلْطِمْنَ وُجُوهَهُنَّ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَفَعَلَ النَّاسُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلسُّنَّةِ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ الشِّيعَةِ ; وَلِأَنَّ السُّلْطَانَ مَعَهُمْ.

وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، اجْتَمَعَ مِنْ رِجَالِهِ الْأَرْمَنِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَقَصَدُوا الرُّهَا فَأَغَارُوا عَلَيْهَا، فَغَنِمُوا وَأَسَرُوا، وَعَادُوا مَوْفُورِينَ.

وَفِيهَا عُزِلَ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ عَنْ قَضَاءِ بَغْدَاذَ، وَتَقَلَّدَ مَكَانَهُ أَبُو بِشْرٍ عَمْرُو بْنُ أَكْثَمَ، وَعُفِيَ عَمَّا كَانَ يَحْمِلُهُ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ مِنَ الضَّمَانِ عَنِ الْقَضَاءِ، وَأَمَرَ بِإِبْطَالِ أَحْكَامِهِ وَسِجِلَّاتِهِ.

وَفِيهَا فِي شَعْبَانَ، ثَارَ الرُّومُ بِمَلِكِهِمْ فَقَتَلُوهُ وَمَلَّكُوا غَيْرَهُ، وَصَارَ ابْنُ شَمَشْقِيقَ دُمُسْتُقًا، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُهُ الْعَامَّةُ ابْنُ الشَّمْشَكِيِّ.

وَفِيهَا فِي الثَّامِنِ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ، أَمَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بِإِظْهَارِ الزِّينَةِ فِي الْبَلَدِ، وَأُشْعِلَتِ النِّيرَانُ بِمَجْلِسِ الشُّرْطَةِ، وَأُظْهِرَ الْفَرَحُ، وَفُتِحَتِ الْأَسْوَاقُ بِاللَّيْلِ، كَمَا يُفْعَلُ لَيَالِيَ الْأَعْيَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>