الْأَطْرَافِ. فَخَافَهُ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ، وَأَهَمَّهُ أَمْرُهُ، وَشَغَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ لِيُسَيِّرَهَا إِلَيْهِ، فَانْقَضَتِ السَّنَةُ.
وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْدِقَائِنَا مِنَ الْأَكْرَادِ الْحُمَيْدِيَّةِ مِمَّنْ يَعْتَنِي بِأَخْبَارِ بَاذٍ أَنَّ بَاذًا كُنْيَتُهُ أَبُو شُجَاعٍ، وَاسْمُهُ بَاذٍ، وَأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ دُوسْتَكَ، وَهُوَ أَخُو بَاذٍ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ أَمْرِهِ أَنَّهُ، كَانَ يَرْعَى الْغَنَمَ، وَكَانَ كَرِيمًا جَوَادًا، وَكَانَ يَذْبَحُ الْغَنَمَ الَّتِي لَهُ وَيُطْعِمُ النَّاسَ، فَظَهَرَ عَنْهُ اسْمُ الْجُودِ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَصَارَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ، وَكُلَّمَا حَصَلَ لَهُ شَيْءٌ أَخْرَجَهُ، فَكَثُرَ جَمْعُهُ، وَصَارَ يَغْزُو، ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ أَرْمِينِيَّةَ، فَمَلَكَ مَدِينَةَ أَرْجِيشَ، وَهِيَ أَوَّلُ مَدِينَةٍ مَلَكَهَا، فَقَوِيَ بِهَا، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى دِيَارِ بَكْرٍ، فَمَلَكَ مَدِينَةَ آمِدَ، ثُمَّ مَلَكَ مَدِينَةَ مَيَّافَارِقِينَ وَغَيْرَهَا مِنْ دِيَارِ بَكْرٍ، وَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَمَلَكَهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَعْمَلَ الْعَزِيزُ بِاللَّهِ (الْخَلِيفَةُ الْعَلَوِيُّ) عَلَى دِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا بَكْجُورَ التُّرْكِيَّ مَوْلَى قَرْغَوَيْهِ أَحَدِ غِلْمَانِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَكَانَ لَهُ حِمْصُ، فَسَارَ مِنْهَا إِلَى دِمَشْقَ، وَظَلَمَ أَهْلَهَا، وَعَسَفَهُمْ وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِيهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] مُسْتَقْصًى.
وَفِيهَا وَزَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ فَسَانْجِسَ لِشَرَفِ الدَّوْلَةِ.
وَفِيهَا، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، انْقَضَّ كَوْكَبٌ عَظِيمٌ أَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْيَا، وَسُمِعَ لَهُ مِثْلُ دَوِيِّ الرَّعْدِ الشَّدِيدِ.
وَفِيهَا غَلَتِ الْأَسْعَارُ بِالْعِرَاقِ وَمَا يُجَاوِرُهُ مِنَ الْبِلَادِ، وَعَدَمَتِ الْأَقْوَاتُ، فَمَاتَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ جُوعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute