أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ إِلَى أَنْ يُعَافَى لِيَحْفَظَ النَّاسَ لِئَلَّا تَثُورَ فِتْنَةٌ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَتَوَقَّفَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ ثُمَّ أَجَابَ إِلَيْهِ.
فَلَمَّا مَاتَ جَلَسَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ فِي الْمَمْلَكَةِ، وَقَعَدَ لِلْعَزَاءِ، وَرَكِبَ الطَّائِعُ لِلَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْعَزَاءِ فِي الزَّبْزَبِ، فَتَلَقَّاهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ، وَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَانْحَدَرَ الطَّائِعُ لِلَّهِ إِلَى دَارِهِ، وَخَلَعَ عَلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ خِلَعَ السَّلْطَنَةِ، وَأَقَرَّ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ أَبَا مَنْصُورِ بْنَ صَالِحَانَ عَلَى وِزَارَتِهِ.
ذِكْرُ مَسِيرِ الْأَمِيرِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ إِلَى فَارِسَ وَمَا كَانَ مِنْهُ مَعَ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ
لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُ شَرَفِ الدَّوْلَةِ جَهَّزَ وَلَدَهُ الْأَمِيرَ أَبَا عَلِيٍّ وَسَيَّرَهُ إِلَى فَارِسَ وَمَعَهُ وَالِدَتُهُ وَجَوَارِيهِ، وَسَيَّرَ مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْجَوَاهِرِ وَالسِّلَاحِ أَكْثَرَهَا. فَلَمَّا بَلَغَ الْبَصْرَةَ أَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِمَوْتِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَسَيَّرَ مَا مَعَهُ فِي الْبَحْرِ إِلَى أَرَّجَانَ، وَسَارَ هُوَ مُجِدًّا إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَيْهَا، وَاجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ بِهَا مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَسَارُوا نَحْوَ شِيرَازَ، وَكَاتَبَهُمْ مُتَوَلِّيهَا وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَسَنِ بِالْوُصُولِ إِلَيْهَا لِيُسَلِّمَهَا إِلَيْهِمْ، وَكَانَ الْمُرَتِّبُونَ فِي الْقَلْعَةِ الَّتِي بِهَا صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ وَأَخُوهُ أَبُو طَاهِرٍ قَدْ أَطْلَقُوهُمَا وَمَعَهُمَا فُولَاذٌ وَسَارُوا إِلَى سِيرَافَ.
(وَاجْتَمَعَ عَلَى صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ كَثِيرٌ مِنَ الدَّيْلَمِ. وَسَارَ الْأَمِيرُ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى شِيرَازَ) ، وَوَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِهَا بَيْنَ الْأَتْرَاكِ وَالدَّيْلَمِ، وَخَرَجَ الْأَمِيرُ أَبُو عَلِيٍّ مِنْ دَارِهِ إِلَى مُعَسْكَرِ الْأَتْرَاكِ، فَنَزَلَ مَعَهُمْ، وَاجْتَمَعَ الدَّيْلَمُ وَقَصَدُوا لِيَأْخُذُوهُ وَيُسَلِّمُوهُ إِلَى صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، فَرَأَوْهُ قَدِ انْتَقَلَ إِلَى الْأَتْرَاكِ، فَكَشَفُوا الْقِنَاعَ، وَنَابَذُوا الْأَتْرَاكَ، وَجَرَى بَيْنَهُمْ قِتَالٌ عِدَّةَ أَيَّامٍ.
ثُمَّ سَارَ أَبُو عَلِيٍّ وَالْأَتْرَاكُ إِلَى فَسَا، فَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا وَأَخَذُوا مَا بِهَا مِنَ الْمَالِ، وَقَتَلُوا مَنْ بِهَا مِنَ الدَّيْلَمِ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ وَسِلَاحَهُمْ فَقَوَوْا بِذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute