للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسِرْتُ سَيْرَةً جَلَبَتْ لَكَ حُسْنَ الذِّكْرِ، فَإِنْ أَجْرَيْتَ الْأُمُورَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ نُسِبَ ذَلِكَ الْجَمِيلُ إِلَيْكَ وَتُرِكْتُ أَنَا، وَإِنْ عَدَلْتَ عَنْهُ كُنْتُ أَنَا الْمَشْكُورُ وَنُسِبَتِ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ إِلَيْكَ وَقَدَحَ ذَلِكَ فِي دَوْلَتِكَ. فَكَانَ هَذَا نُصْحَهُ لَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.

فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَنْفَذَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ مَنِ احْتَاطَ عَلَى مَالِهِ وَدَارِهِ، وَنَقَلَ جَمِيعَ مَا فِيهَا إِلَيْهِ، فَقَبَّحَ اللَّهُ خِدْمَةَ الْمُلُوكِ، هَذَا فِعْلُهُمْ مَعَ مَنْ نَصَحَ لَهُمْ، فَكَيْفَ مَعَ غَيْرِهِ.

وَنُقِلَ الصَّاحِبُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَكَثِيرٌ مَا بَيْنَ فِعْلِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ مَعَ ابْنِ عَبَّادٍ وَبَيْنَ الْعَزِيزِ بِاللَّهِ الْعَلَوِيِّ مَعَ وَزِيرِهِ يَعْقُوبَ بْنِ كِلِّسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَكَانَ الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ قَدْ أَحْسَنَ إِلَى الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُعْتَزِلِيِّ وَقَدَّمَهُ، وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الرَّيِّ وَأَعْمَالَهَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: لَا أَرَى التَّرَحُّمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَاتَ عَنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ظَهَرَتْ مِنْهُ، فَنُسِبَ عَبْدُ الْجَبَّارِ إِلَى قِلَّةِ الْوَفَاءِ.

ثُمَّ إِنَّ فَخْرَ الدَّوْلَةِ قَبَضَ عَلَى عَبْدِ الْجَبَّارِ وَصَادَرَهُ، فَبَاعَ فِي جُمْلَةِ مَا بَاعَ أَلْفَ طَيْلَسَانٍ، وَأَلْفَ ثَوْبٍ صُوفٍ رَفِيعٍ، فَلِمَ لَا نَظَرَ لِنَفْسِهِ، وَتَابَ عَنْ أَخْذِ مِثْلِ هَذَا وَاذِّخَارِهِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ؟ .

ثُمَّ إِنَّ فَخْرَ الدَّوْلَةِ قَبَضَ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّادٍ وَأَبْطَلَ كُلَّ مُسَامَحَةٍ كَانَتْ مِنْهُ، وَقَرَّرَ هُوَ وَوُزَرَاؤُهُ الْمُصَادَرَاتِ فِي الْبِلَادِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ مِنْهَا كَثِيرٌ، ثُمَّ تَمَزَّقَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي أَقْرَبِ مُدَّةٍ، وَحَصَلَ بِالْوِزْرِ وَسُوءِ الذِّكْرِ.

ذِكْرُ إِيقَاعِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ بِالْأَتْرَاكِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ بِقَتْلِ مَنْ بِفَارِسَ مِنَ الْأَتْرَاكِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَهَرَبَ الْبَاقُونَ فَعَاثُوا فِي الْبِلَادِ وَانْصَرَفُوا إِلَى كَرْمَانَ ثُمَّ مِنْهَا إِلَى بِلَادِ السِّنْدِ، وَاسْتَأْذَنُوا مَلِكَهَا فِي دُخُولِ بِلَادِهِ، فَأَذِنَ لَهُمْ وَخَرَجَ إِلَى تَلَقِّيهِمْ وَوَافَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>