يَتَهَدَّدُهُمْ فَخَافُوا وَأَذْعَنُوا بِالطَّاعَةِ، وَاعْتَذَرُوا مِنْ فِعْلِ سُفَهَائِهِمْ، وَخَرَجُوا إِلَى عَلِيٍّ فَلَمْ يَعْبَأْ بِهِمْ وَرَكِبَ وَدَخَلَ الْبَلَدَ فَأَحْرَقَ وَقَتَلَ وَعَادَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ.
وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ أَبُو تَمِيمٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ وَأَمَّنَهُمْ، وَأَطْلَقَ الْمُحَبَّسِينَ وَنَظَرَ فِي أَمْرِ السَّاحِلِ، وَاسْتَعْمَلَ أَخَاهُ عَلِيًّا عَلَى طَرَابُلُسَ، وَعَزَلَ عَنْهَا جَيْشَ بْنَ الصَّمْصَامَةِ الْكُتَامِيَّ، فَمَضَى إِلَى مِصْرَ، وَاجْتَمَعَ مَعَ أَرْجُوَانَ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَمَّارٍ، فَانْتَهَزَ أَرْجُوَانُ الْفُرْصَةَ بِبُعْدِ كُتَامَةَ عَنْ مِصْرَ مَعَ أَبِي تَمِيمٍ، فَوَضَعَ الْمَشَارِقَةَ عَلَى الْفَتْكِ بِمَنْ بَقِيَ بِمِصْرَ مِنْهُمْ، وَبِابْنِ عَمَّارٍ مَعَهُمْ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَمَّارٍ، فَعَمِلَ عَلَى الْإِيقَاعِ بِأَرْجُوَانَ وَشُكْرٍ الْعَضُدِيِّ فَأَخْبَرَهُمَا عُيُونٌ لَهُمَا عَلَى ابْنِ عَمَّارٍ بِذَلِكَ، فَاحْتَاطَا وَدَخَلَا قَصْرَ الْحَاكِمِ بَاكِينَ، وَثَارَتِ الْفِتْنَةُ، وَاجْتَمَعَتِ الْمَشَارِقَةُ، فَفَرَّقَ فِيهِمُ الْمَالَ، وَوَاقَعُوا ابْنَ عَمَّارٍ وَمَنْ مَعَهُ، فَانْهَزَمَ وَاخْتَفَى.
فَلَمَّا ظَفِرَ أَرْجُوَانُ أَظْهَرَ الْحَاكِمَ، وَأَجْلَسَهُ، وَجَدَّدَ لَهُ الْبَيْعَةَ، وَكَتَبَ إِلَى وُجُوهِ الْقُوَّادِ وَالنَّاسِ بِدِمَشْقَ بِالْإِيقَاعِ بِأَبِي تَمِيمٍ، فَلَمْ يَشْعُرْ إِلَّا وَقَدْ هَجَمُوا عَلَيْهِ وَنَهَبُوا خَزَائِنَهُ، فَخَرَجَ هَارِبًا، وَقَتَلُوا مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ كُتَامَةَ، وَعَادَتِ الْفِتْنَةُ بِدِمَشْقَ، وَاسْتَوْلَى الْأَحْدَاثُ.
ثُمَّ إِنَّ أَرْجُوَانَ أَذِنَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَمَّارٍ فِي الْخُرُوجِ مِنِ اسْتِتَارِهِ، وَأَجْرَاهُ عَلَى إِقْطَاعِهِ، وَأَمَرَهُ بِإِغْلَاقِ بَابِهِ.
وَعَصَى أَهْلُ صُورَ، وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ رَجُلًا مَلَّاحًا يُعْرَفُ بِعِلَاقَةَ، وَعَصَى أَيْضًا الْمُفَرِّجُ بْنُ دَغْفَلِ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَنَزَلَ عَلَى الرَّمْلَةِ وَعَاثَ فِي الْبِلَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute