للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعْفَرِ بْنُ أُسْتَاذِ هُرْمُزَ، فَجَمَعَ وَقَصَدَ أَبَا جَعْفَرٍ، فَالْتَقَيَا، فَانْهَزَمَ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى السِّيرَجَانِ، وَمَضَى ابْنُ بَخْتِيَارَ إِلَى جِيرُفْتَ فَمَلَكَهُ، وَمَلَكَ أَكْثَرَ كَرْمَانَ، فَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ الْمُوَفَّقَ عَلِيَّ بْنَ إِسْمَاعِيلَ فِي جَيْشٍ كَثِيرٍ، وَسَارَ مُجِدًّا حَتَّى أَطَلَّ عَلَى جِيرُفْتَ، فَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ مَنْ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ بَخْتِيَارَ وَدَخَلَهَا. فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْقُوَّادِ سُرْعَةَ سَيْرِهِ، وَخَوَّفُوهُ عَاقِبَةَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُصْغِ إِلَيْهِمْ، وَسَأَلَ عَنْ حَالِ ابْنِ بَخْتِيَارَ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ عَلَى ثَمَانِيَةِ فَرَاسِخَ مِنْ جِيرُفْتَ، فَاخْتَارَ ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ شُجْعَانِ أَصْحَابِهِ وَسَارَ بِهِمْ، وَتَرَكَ الْبَاقِينَ مَعَ السَّوَادِ بِجِيرُفْتَ.

فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَكَانَ لَمْ يَجِدْهُ وَدُلَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ يَتْبَعُهُ مِنْ مَنْزِلٍ إِلَى مَنْزِلٍ، حَتَّى لَحِقَهُ بِدَارَزِينَ، فَسَارَ لَيْلًا، وَقُدِّرَ وُصُولُهُ إِلَيْهِ عِنْدَ الصُّبْحِ فَأَدْرَكَهُ. فَرَكِبَ ابْنُ بَخْتِيَارَ وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَسَارَ الْمُوَفَّقُ فِي نَفَرٍ مِنْ غِلْمَانِهِ، فَأَتَى ابْنُ بَخْتِيَارَ مِنْ وَرَائِهِ، فَانْهَزَمَ ابْنُ بَخْتِيَارَ وَأَصْحَابُهُ، وَوُضِعَ فِيهِمُ السَّيْفُ، فَقُتِلَ مِنْهُمُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ. فَغَدَرَ بِابْنِ بَخْتِيَارَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، وَضَرَبَهُ بِلِتُّ فَأَلْقَاهُ وَعَادَ إِلَى الْمُوَفَّقِ لِيُخْبِرَهُ بِقَتْلِهِ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَرَآهُ وَقَدْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى الْمُوَفَّقِ.

وَأَكْثَرَ الْمُوَفَّقُ الْقَتْلَ فِي أَصْحَابِ ابْنِ بَخْتِيَارَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى بِلَادِ كَرْمَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا أَبَا مُوسَى سَيَاهَجِيلَ، وَعَادَ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَلَقِيَهُ، وَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ ثُمَّ قَبَضَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَيَّامٍ.

وَمِنْ أَعْجَبِ مَا يُذْكَرُ أَنَّ الْمُوَفَّقَ أَخْبَرَهُ مُنَجِّمٌ أَنَّهُ يَقْتُلُ ابْنَ بَخْتِيَارَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الِاثْنَيْنِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ لِلْمُنَجِّمِ: قَدْ بَقِيَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلَيْسَ لَنَا عِلْمٌ بِهِ. فَقَالَ لَهُ الْمُنَجِّمُ: إِنْ لَمْ تَقْتُلْهُ فَاقْتُلْنِي عِوَضَهُ، وَإِلَّا فَأَحْسِنْ إِلَيَّ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ أَدْرَكَهُ وَقَتَلَهُ، وَأَحْسَنَ إِلَى الْمُنَجِّمِ إِحْسَانًا كَثِيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>