سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ بِذَلِكَ أَطْلَقَ هِلَالًا وَجَهَّزَهُ وَسَيَّرَهُ وَمَعَهُ الْعَسَاكِرُ لِيَسْتَعِيدَ مَا مَلَكَهُ شَمْسُ الدَّوْلَةِ (مِنْ بِلَادِهِ. فَسَارَ إِلَى شَمْسِ الدَّوْلَةِ) ، فَالْتَقَيَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَاقْتَتَلَ الْعَسْكَرَانِ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ هِلَالٍ، وَأُسِرَ هُوَ، فَقُتِلَ أَيْضًا، وَعَادَتِ الْعَسَاكِرُ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ عَلَى أَسْوَءِ حَالٍ.
وَكَانَ مِمَّنْ أُسِرَ مَعَهُ أَبُو الْمُظَفَّرِ أَنُوشْتِكِينُ الْأَعْرَابِيُّ، وَكَانَ فِي مَمْلَكَةِ بَدْرٍ سَابُورُ خَوَاسْتَ، وَالدِّينَوَرُ، وَبُرُوجِرْدُ، وَنَهَاوَنْدُ، وَأَسْدَابَاذُ، وَقِطْعَةٌ مِنْ أَعْمَالِ الْأَهْوَازِ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْقِلَاعِ وَالْوِلَايَاتِ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ وَبَيْنَ بَنِي دُبَيْسٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيِّ وَبَيْنَ مُضَرَ، وَنَبْهَانَ، وَحَسَّانَ، وَطِرَادُ بَنِي دُبَيْسٍ.
وَسَبَبُهَا أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا أَبَا الْغَنَائِمِ بْنَ مَزْيَدٍ أَخَا أَبِي الْحَسَنِ فِي حَرْبٍ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، وَحَالَتِ الْأَيَّامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَخْذِ بِثَأْرِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ تَجَهَّزَ لِقَصْدِهِمْ، وَجَمَعَ الْعَرَبَ، وَالشَّاذِنْجَانَ، وَالْجَوَّانِيَّةَ، وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْأَكْرَادِ، وَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُمْ خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ ابْنَةُ دُبَيْسٍ وَقَصَدَتْ أَخَاهَا مُضَرَ بْنَ دُبَيْسٍ لَيْلًا، وَقَالَتْ لَهُ: قَدْ أَتَاكُنَّ ابْنُ مَزْيَدٍ فِيمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، وَهُوَ يَقْنَعُ مِنْكُمْ بِإِبْعَادِ نَبْهَانَ قَاتِلِ أَخِيهِ، فَأَبْعِدُوهُ، وَقَدْ تَفَرَّقَتْ هَذِهِ الْعَسَاكِرُ. فَأَجَابَهَا أَخُوهَا مُضَرُ إِلَى ذَلِكَ، وَامْتَنَعَ أَخُوهُ حَسَّانُ.
فَلَمَّا سَمِعَ ابْنُ مَزْيَدٍ بِمَا فَعَلَتْهُ زَوْجَتُهُ أَنْكَرَهُ، وَأَرَادَ طَلَاقَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: خِفْتُ أَنْ أَكُونَ فِي هَذِهِ الْحَرْبِ بَيْنَ فَقْدِ أَخٍ حَمِيمٍ، أَوْ زَوْجٍ كَرِيمٍ، فَفَعَلْتُ مَا فَعَلْتُ رَجَاءَ الصَّلَاحِ، فَزَالَ مَا عِنْدَهُ مِنْهَا، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ، وَتَقَدَّمُوا إِلَيْهِ بِالْحُلَلِ وَالْبُيُوتِ، فَالْتَقَوْا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute