ذِكْرُ غَزْوَةِ مَحْمُودٍ إِلَى الْهِنْدِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ الْهِنْدَ عَلَى عَادَتِهِ، فَضَلَّ أَدِلَّاؤُهُ الطَّرِيقَ، وَوَقَعَ هُوَ وَعَسْكَرُهُ فِي مِيَاهٍ فَاضَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَغَرِقَ كَثِيرٌ مِمَّنْ مَعَهُ، وَخَاضَ الْمَاءَ بِنَفْسِهِ أَيَّامًا حَتَّى تَخَلَّصَ، وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ.
ذِكْرُ قَتْلِ فَخْرِ الْمُلْكِ وَوَزَارَةِ ابْنِ سَهْلَانَ
وَفِيهَا قَبَضَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ (عَلَى نَائِبِهِ بِالْعِرَاقِ) وَوَزِيرِهِ فَخْرِ الْمُلْكِ أَبِي غَالِبٍ، وَقُتِلَ سَلْخَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ عُمْرُهُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ نَظَرُهُ بِالْعِرَاقِ خَمْسَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ شُهُورٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، وَكَانَ كَافِيًا حَسَنَ الْوِلَايَةِ وَالْآثَارِ، وَوُجِدَ لَهُ أَلْفُ أَلْفِ دِينَارٍ عَيْنًا سِوَى مَا نُهِبَ، وَسِوَى الْأَعْرَاضِ، وَكَانَ قَبْضُهُ بِالْأَهْوَازِ، وَلَمَّا مَاتَ نُقِلَ إِلَى مَشْهَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدُفِنَ هُنَاكَ.
قِيلَ: كَانَ ابْنُ عَلْمَكَارَ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ قُوَّادِهِمْ، وَقَدْ قَتَلَ إِنْسَانًا بِبَغْدَاذَ، فَكَانَتْ زَوْجَتُهُ تَكْتُبُ إِلَى فَخْرِ الْمُلْكِ أَبِي غَالِبٍ تَتَظَلَّمُ مِنْهُ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَلَقِيَتْهُ يَوْمًا وَقَالَتْ لَهُ: تِلْكَ الرِّقَاعُ الَّتِي كُنْتُ أَكْتُبُهَا إِلَيْكَ صِرْتُ أَكْتُبُهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَلَمْ يَمْضِ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ قَلِيلٍ حَتَّى قُبِضَ هُوَ وَابْنُ عَلْمَكَارَ، فَقَالَ لَهُ فَخْرُ الْمُلْكِ: قَدْ بَرَزَ جَوَابُ رِقَاعِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ. وَلَمَّا قُبِضَ فَخْرُ الْمُلْكِ اسْتَوْزَرَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ سَهْلَانَ فَلُقِّبَ عَمِيدَ أَصْحَابِ الْجُيُوشِ وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِرَامَهُرْمُزَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute