الْمُؤَيَّدَ حَيٌّ، فَأَخَذَ عَلِيُّ بْنُ حَمُّودٍ سُلَيْمَانَ وَقَتَلَهُ سَابِعَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَقَتَلَ أَبَاهُ وَأَخَاهُ.
وَلَمَّا حَضَرَ أَبُوهُ بَيْنَ يَدَيْ عَلِيِّ بْنِ حَمُّودٍ قَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ قَتَلْتُمُ الْمُؤَيَّدَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، وَإِنَّهُ لَحَيٌّ فَحِينَئِذٍ أَسْرَعَ فِي قَتْلِهِ، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُنْقَبِضًا لَمْ يَتَدَنَّسْ بِشَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِ ابْنِهِ، وَاسْتَوْلَى عَلِيُّ بْنُ حَمُّودٍ عَلَى قُرْطُبَةَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَبُويِعَ، وَاجْتَمَعَ لَهُ الْمُلْكُ، وَلُقِّبَ الْمُتَوَكِّلَ عَلَى اللَّهِ.
ثُمَّ إِنَّ خَيْرَانَ أَظْهَرَ الْخِلَافَ عَلَيْهِ لِأَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ طَامِعًا أَنْ يَجِدَ الْمُؤَيَّدَ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ نُقِلَ إِلَيْهِ أَنَّ عَلِيًّا يُرِيدُ قَتْلَهُ فَخَرَجَ عَنْ قُرْطُبَةَ وَأَظْهَرَ الْخِلَافَ عَلَيْهِ.
ذِكْرُ ظُهُورِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيِّ
لَمَّا خَالَفَ خَيْرَانُ عَلَيًّا أَرْسَلَ يَسْأَلُ عَنْ بَنِي أُمَيَّةَ، فَدُلَّ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّاصِرِ الْأُمَوِيِّ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مِنْ قُرْطُبَةَ مُسْتَخْفِيًا، وَنَزَلَ بِجَيَّانَ، وَكَانَ أَصْلَحَ مَنْ بَقِيَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، فَبَايَعَهُ خَيْرَانُ وَغَيْرُهُ، وَلَقَّبُوهُ الْمُرْتَضَى، وَرَاسَلَ خَيْرَانُ مُنْذِرَ بْنَ يَحْيَى التُّجِيبِيَّ أَمِيرَ سَرَقُسْطَةَ وَالثَّغْرِ الْأَعْلَى، وَرَاسَلَ أَهْلَ شَاطِبَةَ، وَبَلَنْسِيَةَ، وَطَرْطُوشَةَ، وَالْبُنْتَ، فَأَجَابُوا كُلُّهُمْ إِلَى بَيْعَتِهِ، وَالْخِلَافِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حَمُّودٍ، فَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَنْدَلُسِ، وَاجْتَمَعُوا بِمَوْضِعٍ يُعْرَفُ بِالرَّيَاحِينِ فِي الْأَضْحَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَمَعَهُمُ الْفُقَهَاءُ، وَالشُّيُوخُ، وَجَعَلُوا الْخِلَافَةَ شُورَى، وَأَصْفَقُوا عَلَى بَيْعَتِهِ، وَسَارُوا مَعَهُ إِلَى صِنْهَاجَةَ وَالنُّزُولِ عَلَى غَرْنَاطَةَ.
وَأَقْبَلَ الْمُرْتَضَى عَلَى أَهْلِ بَلَنْسِيَةَ، وَشَاطِبَةَ، وَأَظْهَرَ الْجَفَاءَ لِمُنْذِرِ بْنِ يَحْيَى التُّجِيبِيِّ، وَلِخَيْرَانَ، وَلَمْ يُقْبِلْ عَلَيْهِمَا، فَنَدِمَا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمَا، وَسَارَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى غَرْنَاطَةَ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا، وَنَزَلَ عَلَيْهَا، وَقَاتَلُوا أَيَّامًا قِتَالًا شَدِيدًا، فَغَلَبَهُمْ أَهْلُ غَرْنَاطَةَ وَأَمِيرُهُمْ زَاوِي بْنُ زِيرِي الصِّنْهَاجِيُّ، وَانْهَزَمَ الْمُرْتَضَى وَعَسْكَرُهُ، وَاتَّبَعَتْهُمْ صِنْهَاجَةُ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ، وَقُتِلَ الْمُرْتَضَى فِي هَذِهِ الْهَزِيمَةِ وَعُمْرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَهُوَ أَصْغَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute