للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلَكَ وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَكَانَ أَدِيبًا شَاعِرًا، ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عِزُّ الدَّوْلَةِ، وَمِنْهُ مَلَكَهَا الْمُلَثَّمُونَ.

[خَبَرُ دَانِيَةَ وَالْجَزَائِرِ] وَأَمَّا دَانِيَةُ وَالْجَزَائِرُ فَكَانَتْ بِيَدِ الْمُوَفَّقِ أَبِي الْحَسَنِ مُجَاهِدٍ الْعَامِرِيِّ، وَسَارَ إِلَيْهِ مِنْ قُرْطُبَةَ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ الْمُعَيْطِيُّ وَمَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَأَقَامَهُ مُجَاهِدٌ شِبْهَ خَلِيفَةٍ يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِ، وَبَايَعَهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَأَقَامَ الْمُعَيْطِيُّ بِدَانِيَةَ مَعَ مُجَاهِدٍ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ نَحْوَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ سَارَ هُوَ وَمُجَاهِدٌ فِي الْبَحْرِ إِلَى الْجَزَائِرِ الَّتِي فِي الْبَحْرِ، وَهِيَ مَيُورْقَةُ بِالْيَاءِ، وَمَنُورْقَةُ بِالنُّونِ، وَيَابِسَةُ.

ثُمَّ بَعَثَ الْمُعَيْطِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ مُجَاهِدًا إِلَى سَرْدَانِيَةَ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَرْكَبًا بَيْنَ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَمَعَهُ أَلْفُ فَارِسٍ، فَفَتَحَهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَقَتَلَ بِهَا خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ النَّصَارَى، وَسَبَى مِثْلَهُمْ، فَسَارَ إِلَيْهِ الْفِرِنْجُ وَالرُّومُ مِنَ الْبَرِّ فِي آخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا، وَرَجَعَ إِلَى الْأَنْدَلُسِ وَالْمُعَيْطِيُّ قَدْ تُوُفِّيَ، فَغَاصَ مُجَاهِدٌ فِي تِلْكَ الْفِتَنِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَكَانَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَحَبَّةِ لِأَهْلِهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَجَلَبَاهُمْ مِنْ أَقَاصِي الْبِلَادِ وَأَدَانِيهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنُهُ عَلِيٌّ فَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو عَامِرٍ، وَلَمْ يَكُنْ مِثْلَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، ثُمَّ إِنَّ دَانِيَةَ وَسَائِرَ بِلَادِ بَنِي مُجَاهِدٍ صَارَتْ إِلَى الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ هُودٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>