الْفَوَارِسِ وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَادَ بِأَسْوَإِ حَالٍ، وَمَلَكَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ بِلَادَ فَارِسَ، وَهَرَبَ أَبُو الْفَوَارِسِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ إِلَى كِرْمَانَ، فَسَيَّرَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ الْجُيُوشَ فِي أَثَرِهِ، فَأَخَذُوا كِرْمَانَ مِنْهُ، فَلَحِقَ بِشَمْسِ الدَّوْلَةِ بْنِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، صَاحِبِ هَمَذَانَ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ إِلَى يَمِينِ الدَّوْلَةِ، لِأَنَّهُ أَسَاءَ السِّيرَةَ مَعَ أَبِي سَعْدٍ الطَّائِيِّ.
ثُمَّ فَارَقَ شَمْسَ الدَّوْلَةِ، وَلَحِقَ بِمُهَذِّبِ الدَّوْلَةِ، صَاحِبِ الْبَطِيحَةِ، فَأَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَهُ دَارَهُ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ أَخُوهُ جَلَالُ الدَّوْلَةِ مِنَ الْبَصْرَةِ مَالًا وَثِيَابًا، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الِانْحِدَارَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْهُ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ، فَأَعَادَ (إِلَيْهِ كِرْمَانَ) ، وَسُيِّرَتْ إِلَيْهِ الْخِلَعُ (وَالتَّقْلِيدُ بِذَلِكَ، وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ) الْأَمْوَالُ، فَعَادَ إِلَيْهَا.
ذِكْرُ قَتْلِ الشِّيعَةِ بِإِفْرِيقِيَّةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي مُحَرَّمٍ، قُتِلَتِ الشِّيعَةُ بِجَمِيعِ بِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُعِزَّ بْنَ بَادِيسَ رَكِبَ وَمَشَى فِي الْقَيْرَوَانِ وَالنَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ، فَاجْتَازَ بِجَمَاعَةٍ، فَسَأَلَ عَنْهُمْ، فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ رَافِضَةٌ يَسُبُّونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ! فَانْصَرَفَتِ الْعَامَّةُ مِنْ فَوْرِهَا إِلَى دَرْبِ الْمُعَلَّى مِنَ الْقَيْرَوَانِ، وَهُوَ [مَكَانٌ] تَجْتَمِعُ بِهِ الشِّيعَةُ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ شَهْوَةَ الْعَسْكَرِ وَأَتْبَاعِهِمْ، طَمَعًا فِي النَّهْبِ، وَانْبَسَطَتْ أَيْدِي الْعَامَّةِ فِي الشِّيعَةِ، وَأَغْرَاهُمْ عَامِلُ الْقَيْرَوَانِ وَحَرَّضَهُمْ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَصْلَحَ أُمُورَ الْبَلَدِ، فَبَلَغَهُ أَنَّ الْمُعِزَّ بْنَ بَادِيسَ يُرِيدُ عَزْلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute