فَسَمِعَ بِهِ صَدَقَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمَيْنِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ جَيْشًا فَقَاتَلُوهُ فَانْهَزَمَ أَبُو الْهَيْجَاءِ وَأُخِذَ أَسِيرًا فَأَرَادَ اسْتِبْقَاءَهُ فَمَنَعَهُ سَابُورُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ بْنِ مَرْوَانَ وَقَتَلَهُ بِيَدِهِ.
ثُمَّ تُوُفِّيَ صَدَقَةُ، بَعْدَ قَتْلِهِ، فِي صَفَرٍ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَطِيحَةِ عَلَى وِلَايَةِ سَابُورَ بْنِ الْمَرْزُبَانِ فَوَلِيَهُمْ وَكَتَبَ إِلَى مُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ يَطْلُبُ أَنْ يُقَرِّرَ عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَى صَدَقَةَ مِنَ الْحَمْلِ، وَيَسْتَعْمِلَ عَلَى الْبَطِيحَةِ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَزَادَ فِي الْقَرَارِ عَلَيْهِ وَاسْتَقَرَّ فِي الْأَمْرِ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا نَصْرٍ شِيرَازَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ مَرْوَانَ زَادَ فِي الْمُقَاطَعَةِ، فَلَمْ يَدْخُلْ سَابُورُ فِي الزِّيَادَةِ، فَوَلِيَ أَبُو نَصْرٍ الْبَطِيحَةَ، وَسَارَ إِلَيْهَا وَفَارَقَهَا سَابُورُ إِلَى جَزِيرَةِ بَنِي دُبَيْسٍ، وَاسْتَقَرَّ أَبُو نَصْرٍ فِي الْوِلَايَةِ، وَأَمِنَتْ بِهِ الطُّرُقُ.
[ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ هِلَالٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَوَّابِ، الْكَاتِبُ الْمَشْهُورُ، وَإِلَيْهِ انْتَهَى الْخَطُّ، وَدُفِنَ بِجِوَارِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَكَانَ يَقُصُّ بِجَامِعِ بَغْدَاذَ، وَرَثَاهُ الْمُرْتَضَى، وَقِيلَ كَانَ مَوْتُهُ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
وَفِيهَا حَجَّ النَّاسُ مِنَ الْعِرَاقِ، وَكَانَ قَدِ انْقَطَعَ سَنَةَ عَشْرٍ وَسَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَلَمَّا كَانَ هَذِهِ السَّنَةُ قَصَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ خُرَاسَانَ السُّلْطَانَ مَحْمُودَ بْنَ سُبُكْتِكِينَ وَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ أَعْظَمُ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ، وَأَثَرُكَ فِي الْجِهَادِ مَشْهُورٌ، وَالْحَجُّ قَدِ انْقَطَعَ كَمَا تَرَى، وَالتَّشَاغُلُ بِهِ وَاجِبٌ، وَقَدْ كَانَ بَدْرُ بْنُ حَسَنَوَيْهِ، وَفِي أَصْحَابِكَ كَثِيرٌ أَعْظَمُ مِنْهُ، يَسِيرُ الْحَاجُّ بِتَدْبِيرِهِ، وَمَا لَهُ عِشْرُونَ، فَاجْعَلْ لِهَذَا الْأَمْرِ حَظًّا مِنِ اهْتِمَامِكَ.
فَتَقَدَّمَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ النَّاصِحِيِّ قَاضِي قُضَاةِ بِلَادِهِ بِأَنْ يَسِيرَ بِالْحَاجِّ، وَأَعْطَاهُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ يُعْطِيهَا لِلْعَرَبِ وَسِوَى النَّفَقَةِ فِي الصَّدَقَاتِ، وَنَادَى فِي خُرَاسَانَ بِالتَّأَهُّبِ لِلْحَجِّ، فَاجْتَمَعَ خَلْقٌ عَظِيمٌ، وَسَارُوا، وَحَجَّ بِهِمْ أَبُو الْحَسَنِ الْأَقْسَاسِيُّ، فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute