للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ بِكَفَنِهِ وَحَنُوطِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ وَلِيَتِ الْمَلَائِكَةُ قَبْرَهُ وَدَفْنَهُ حَتَّى غَيَّبُوهُ.

وَرَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ آدَمَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ بِحَنُوطِهِ، وَكَفَنِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا رَأَتْ حَوَّاءُ الْمَلَائِكَةَ ذَهَبَتْ لِتَدْخُلَ دُونَهُمْ، فَقَالَ: خَلِّي عَنِّي، وَعَنْ رُسُلِ رَبِّي، فَمَا لَقِيتُ مَا لَقِيتُ إِلَّا مِنْكِ، وَلَا أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلَّا فِيكِ. فَلَمَّا قُبِضَ غَسَّلُوهُ بِالسِّدْرِ وَالْمَاءِ وِتْرًا، وَكَفَّنُوهُ فِي وِتْرٍ مِنَ الثِّيَابِ، ثُمَّ لَحَدُوا لَهُ وَدَفَنُوهُ، ثُمَّ قَالُوا: هَذِهِ سُنَّةُ وَلَدِ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ» .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا مَاتَ آدَمُ قَالَ شِيثٌ لِجَبْرَائِيلَ: صَلِّ عَلَيْهِ. فَقَالَ: تَقَدَّمْ أَنْتَ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ. فَكَبَّرَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً، فَأَمَّا خَمْسٌ فَهِيَ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَتَفْضِيلًا لِآدَمَ.

وَقِيلَ: دُفِنَ فِي غَارٍ فِي جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ يُقَالُ لَهُ غَارُ الْكَنْزِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا خَرَجَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ دَفَنَ آدَمَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ.

وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَذُكِرَ أَنَّ حَوَّاءَ عَاشَتْ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ مَاتَتْ فَدُفِنَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي الْغَارِ الَّذِي ذَكَرْتُ إِلَى وَقْتِ الطُّوفَانِ، وَاسْتَخْرَجَهُمَا نُوحٌ، وَجَعَلَهُمَا فِي تَابُوتٍ، ثُمَّ حَمَلَهُمَا مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ، فَلَمَّا غَاضَتِ الْأَرْضُ الْمَاءَ رَدَّهُمَا إِلَى مَكَانِهِمَا الَّذِي كَانَا فِيهِ قَبْلَ الطُّوفَانِ، قَالَ: وَكَانَتْ حَوَّاءُ فِيمَا ذُكِرَ قَدْ غَزَلَتْ، وَنَسَجَتْ، وَعَجَنَتْ، وَخَبَزَتْ، وَعَمِلَتْ أَعْمَالَ النِّسَاءِ كُلَّهَا.

وَإِذْ قَدْ فَرَغْنَا مِنْ ذِكْرِ آدَمَ وَعَدُوِّهِ إِبْلِيسَ، وَذِكْرِ أَخْبَارِهِمَا، وَمَا صَنَعَ اللَّهُ بِعَدُوِّهِ إِبْلِيسَ حِينَ تَجَبَّرَ، وَتَكَبَّرَ مِنْ تَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ، وَطَغَى وَبَغَى، مِنَ الطَّرْدِ، وَالْإِبْعَادِ، وَالنَّظِرَةِ إِلَى يَوْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>