كَالِيجَارَ وَعَمِّهِ أَبِي الْفَوَارِسِ إِلَى صَاحِبِهِ وَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ أَبُو الْفَوَارِسِ إِلَى دَارَابْجِرْدَ وَمَلَكَ أَبُو كَالِيجَارَ فَارِسَ، وَعَادَ أَبُو الْفَوَارِسِ فَجَمَعَ الْأَكْرَادَ فَأَكْثَرَ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ مِنْهُمْ نَحْوُ عَشَرَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ، فَالْتَقَوْا بَيْنَ الْبَيْضَاءِ وَإِصْطَخْرَ فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ مِنَ الْقِتَالِ الْأَوَّلِ، فَعَاوَدَ أَبُو الْفَوَارِسِ الْهَزِيمَةُ، فَسَارَ إِلَى كِرْمَانَ، وَاسْتَقَرَّ مُلْكُ أَبِي كَالِيجَارَ بِفَارِسَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَكَانَ أَهْلُ شِيرَازَ يَكْرَهُونَهُ.
ذِكْرُ خُرُوجِ زِنَاتَةَ وَالظَّفَرِ بِهِمْ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ بِإِفْرِيقِيَّةَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ زِنَاتَةَ، فَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، وَأَفْسَدُوا بِقَسْطِيلِيَةَ وَنِفْزَاوَةَ، وَأَغَارُوا وَغَنِمُوا، وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُمْ، وَكَثُرَ جَمْعُهُمْ. فَسَيَّرَ إِلَيْهِمُ الْمُعِزُّ بْنُ بَادِيسَ جَيْشًا جَرِيدَةً، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجِدُّوا السَّيْرَ وَيَسْبِقُوا أَخْبَارَهُمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَكَتَمُوا خَبَرَهُمْ، وَطَوَوُا الْمَرَاحِلَ حَتَّى أَدْرَكُوهُمْ وَهُمْ آمِنُونَ مِنَ الطَّلَبِ، فَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَعُلِّقَ خَمْسُمِائَةِ رَأْسٍ فِي أَعْنَاقِ الْخُيُولِ وَسُيِّرَتْ إِلَى الْمُعِزِّ، وَكَانَ يَوْمُ دُخُولِهَا يَوْمًا مَشْهُودًا.
ذِكْرُ عَوْدِ الْحَاجِّ عَلَى الشَّامِ وَمَا كَانَ مِنَ الظَّاهِرِ إِلَيْهِمْ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَ الْحُجَّاجُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْعِرَاقِ عَلَى الشَّامِ لِصُعُوبَةِ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى مَكَّةَ بَذَلَ لَهُمُ الظَّاهِرُ الْعَلَوِيُّ، صَاحِبُ مِصْرَ، أَمْوَالًا جَلِيلَةً وَخِلَعًا نَفِيسَةً، وَتَكَلَّفَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَعْطَى لِكُلِّ رَجُلٍ فِي الصُّحْبَةِ جُمْلَةً مِنَ الْمَالِ لِيُظْهِرَ لِأَهْلِ خُرَاسَانَ ذَلِكَ.
وَكَانَ عَلَى تَسْيِيرِ الْحُجَّاجِ الشَّرِيفُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَقْسَاسِيُّ، وَعَلَى حُجَّاجِ خُرَاسَانَ حَسَنَكُ نَائِبُ يَمِينِ الدَّوْلَةِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ، فَعَظُمَ مَا جَرَى عَلَى الْخَلِيفَةِ الْقَادِرِ بِاللَّهِ، وَعَبَرَ حَسَنَكُ دِجْلَةَ عِنْدَ أَوَانَا، وَسَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَتَهَدَّدَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ ابْنَ الْأَقْسَاسِيِّ، فَمَرِضَ فَمَاتَ، وَرَثَاهُ الْمُرْتَضَى وَغَيْرُهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى يَمِينِ الدَّوْلَةِ فِي الْمَعْنَى، فَسَيَّرَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ الْخِلَعَ الَّتِي خُلِعَتْ عَلَى صَاحِبِهِ حَسَنَكَ إِلَى بَغْدَاذَ فَأُحْرِقَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute