للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَجَهَّزُ بِهِ الْعَسْكَرُ لِقِتَالِ نُورِ الدَّوْلَةِ، فَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَلَى نُورِ الدَّوْلَةِ، فَخَطَبَ لِأَبِي كَالِيجَارَ بِهِ وَرَاسَلَهُ يُطْمِعُهُ فِي الْبِلَادِ.

ثُمَّ اتَّفَقَ أَنَّهُ مَلَكَ الْبَصْرَةَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَوِيَ طَمَعُهُ، فَسَارَ مِنَ الْأَهْوَازِ إِلَى وَاسِطٍ، وَبِهَا الْمَلِكُ الْعَزِيزُ بْنُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَمَعَهُ جَمْعٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ.

فَفَارَقَهَا الْعَزِيزُ، وَقَصَدَ النُّعْمَانِيَّةَ، فَفَجَّرَ عَلَيْهِ نُورُ الدَّوْلَةِ الْبُثُوقَ مِنْ بَلَدِهِ، فَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنْ أَثْقَالِهِمْ، وَغَرِقَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَخُطِبَ فِي الْبَطِيحَةِ لِأَبِي كَالِيجَارَ، وَوَرَدَ إِلَيْهِ نُورُ الدَّوْلَةِ.

وَأَرْسَلَ أَبُو كَالِيجَارَ إِلَى قِرْوَاشٍ، صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَعِنْدَهُ الْأَثِيرُ عَنْبَرٌ، يَطْلُبُ (مِنْهُ أَنْ يَنْحَدِرَ) إِلَى الْعِرَاقِ لِيَبْقَى جَلَالُ الدَّوْلَةِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. فَانْحَدَرَ إِلَى الْكُحَيْلِ، فَمَاتَ بِهِ الْأَثِيرُ عَنْبَرٌ، وَلَمْ يَنْحَدِرْ مَعَهُ قِرْوَاشٌ، وَجَمَعَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ عَسَاكِرَهُ، وَاسْتَنْجَدَ أَبَا الشَّوْكِ وَغَيْرَهُ، وَانْحَدَرَ إِلَى وَاسِطٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ قِتَالٌ، وَتَتَابَعَتِ الْأَمْطَارُ حَتَّى هَلَكُوا.

وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ لِفَقْرِهِ وَقِلَّةِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهِ عِنْدَهُ، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِيمَا يَفْعَلُ، فَأَشَارُوا أَنْ يَقْصِدُوا الْأَهْوَازَ وَيَنْهَبَهَا، وَيَأْخُذَ مَا بِهَا مِنْ أَمْوَالِ أَبِي كَالِيجَارَ وَعَسْكَرِهِ. فَسَمِعَ أَبُو كَالِيجَارَ ذَلِكَ فَاسْتَشَارَ أَيْضًا أَصْحَابَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا عَدَلَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ عَنِ الْقَتْلِ إِلَّا لِضَعْفٍ فِيهِ، وَالرَّأْيُ أَنْ تَسِيرَ إِلَى الْعِرَاقِ فَتَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِبَغْدَاذَ أَضْعَافَ مَا يَأْخُذُونَ مِنَّا، فَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ فَأَتَاهُمْ جَاسُوسٌ مِنْ أَبِي الشَّوْكِ يُخْبِرُ بِمَجِيءِ عَسَاكِرِ مَحْمُودِ بْنَ سُبُكْتِكِينَ إِلَى (طَخْرٍ، وَأَنَّهُمْ) يُرِيدُونَ الْعِرَاقَ، وَيُشِيرُ بِالصُّلْحِ، وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ عَلَى دَفْعِهِمْ عَنِ الْبِلَادِ. فَأَنْفَذَ أَبُو كَالِيجَارَ الْكِتَابَ إِلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَقَدْ سَارَ إِلَى الْأَهْوَازِ وَأَقَامَ يَنْتَظِرُ الْجَوَابَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ جَلَالَ الدَّوْلَةِ يَعُودُ بِالْكِتَابِ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ جَلَالُ الدَّوْلَةِ وَمَضَى إِلَى الْأَهْوَازِ فَنَهَبَهَا، وَأَخَذَ مِنْ دَارِ الْإِمَارَةِ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَخَذُوا مَا لَا يُحْصَى، وَدَخَلَ الْأَكْرَادُ وَالْأَعْرَابُ وَغَيْرُهُمْ إِلَى الْبَلَدِ، فَأَهْلَكُوا النَّاسَ بِالنَّهْبِ وَالسَّبْيِ، وَأُخِذَتْ وَالِدَةُ أَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>