ذِكْرُ انْهِزَامِ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ كَاكَوَيْهِ مِنْ عَسْكَرِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ
قَدْ ذَكَرْنَا انْهِزَامَ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ أَبِي جَعْفَرٍ مِنَ الرَّيِّ وَمَسِيرَهُ عَنْهَا، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى قَلْعَةِ فَرْدَجَانَ أَقَامَ بِهَا لِتَنْدَمِلَ جِرَاحُهُ، وَمَعَهُ فَرْهَاذُ بْنُ مَرْدَاوِيجَ، كَانَ قَدْ جَاءَهُ مَدَدًا لَهُ، وَتَوَجَّهُوا مِنْهَا إِلَى بَرُوجِرْدَ فَسَيَّرَ تَاشُ فَرَّاشَ مُقَدَّمَ عَسْكَرِ خُرَاسَانَ جَيْشًا إِلَى عَلَاءِ الدَّوْلَةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ عِمْرَانَ، فَسَارَ يَقُصُّ أَثَرَ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ فَلَمَّا قَارَبَ بَرُوجِرْدَ صَعِدَ فَرْهَاذُ إِلَى قَلْعَةِ سَلِيمُوهْ، وَمَضَى أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى سَابُورَ خُوَاسْتَ، وَنَزَلَ عِنْدَ الْأَكْرَادِ الْجُوزَقَانِ.
وَمَلَكَ عَسْكَرُ خُرَاسَانَ بَرُوجِرْدَ، وَرَاسَلَ فَرْهَاذُ الْأَكْرَادَ الَّذِينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ عِمْرَانَ، وَاسْتَمَالَهُمْ، فَصَارُوا مَعَهُ، وَأَرَادُوا أَنْ يَفْتِكُوا بِعَلِيٍّ، وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَرَكِبَ لَيْلًا فِي خَاصَّتِهِ وَسَارَ نَحْوَ هَمَذَانَ، وَنَزَلَ فِي الطَّرِيقِ بِقَرْيَةٍ تُعْرَفُ (بِكَسْبَ، وَهِيَ مَنِيعَةٌ) ، فَاسْتَرَاحَ فِيهَا، فَلَحِقُهُ فَرْهَاذُ وَعَسْكَرُهُ وَالْأَكْرَادُ الَّذِينَ صَارُوا مَعَهُ، وَحَصَرُوهُ فِي الْقَرْيَةِ، فَاسْتَسْلَمَ وَأَيْقَنَ بِالْهَلَاكِ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ الْيَوْمَ مَطَرًا وَثَلْجًا، فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا جَرِيدَةً بِغَيْرِ خِيَامٍ وَلَا آلَةِ شِتَاءٍ، فَرَحَلُوا عَنْهُ، وَرَاسَلَ عَلِيُّ بْنُ عِمْرَانَ الْأَمِيرَ تَاشَ فَرَّاشَ يَسْتَنْجِدُهُ وَيَطْلُبُ الْعَسْكَرَ إِلَى هَمَذَانَ.
ثُمَّ اجْتَمَعَ فَرْهَاذُ وَعَلَاءُ الدَّوْلَةِ بِبَرُوجِرْدَ، وَاتَّفَقَا عَلَى قَصْدِ هَمَذَانَ، وَسَيَّرَ عَلَاءَ الدَّوْلَةِ إِلَى أَصْبَهَانَ وَبِهَا ابْنُ أَخِيهِ، يَطْلُبُهُ، وَأَمَرَهُ بِإِحْضَارِ السِّلَاحِ وَالْمَالِ، فَفَعَلَ وَسَارَ. فَبَلَغَ خَبَرُهُ عَلِيَّ بْنَ عِمْرَانَ، فَسَارَ إِلَيْهِ مِنْ هَمَذَانَ جَرِيدَةً، فَكَبَسَهُ بِجَرْبَاذَقَانَ، وَأَسَرَهُ وَأَسَرَ كَثِيرًا مِنْ عَسْكَرِهِ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ، وَغَنِمَ مَا مَعَهُ مِنْ سِلَاحٍ وَمَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَلَمَّا سَارَ عَلِيٌّ عَنْ هَمَذَانَ دَخَلَهَا عَلَاءُ الدَّوْلَةِ، وَمَلَكَهَا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ عَلِيًّا سَارَ مُنْهَزِمًا، وَسَارَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ مِنْ هَمَذَانَ إِلَى كَرَجَ، فَأَتَاهُ خَبَرُ ابْنِ أَخِيهِ فَفَتَّ فِي عَضُدِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute