فِي أَمْرِهِ لِمَوَدَّةٍ بَيْنَهُمَا، فَأَخَذَهُ قِرْوَاشٌ وَقَبَضَ عَلَيْهِ، فَبَذَلَ مَالًا كَثِيرًا لِيُطْلِقَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ وَغَرَّقَهُ، وَكَانَ هَذَا الْبُرْجُمِيُّ قَدْ عَظُمَ شَأْنُهُ وَزَادَ شَرُّهُ، وَكَبَسَ عِدَّةَ مَخَازِنَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَكَبَسَ دَارَ الْمُرْتَضَى، وَدَارَ ابْنِ عُدَيْسَةَ، وَهِيَ مُجَاوِرَةُ دَارِ الْوَزِيرِ، وَثَارَ الْعَامَّةُ بِالْخَطِيبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالُوا: إِمَّا أَنْ تَخْطُبَ لِلْبُرْجُمِيِّ، وَإِلَّا فَلَا تَخْطُبْ لِسُلْطَانٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَأَهْلَكَ النَّاسَ بِبَغْدَاذَ، وَحِكَايَاتُهُ كَثِيرَةٌ، وَكَانَ مَعَ هَذَا فِيهِ فُتُوَّةٌ، وَلَهُ مُرُوءَةٌ، لَمْ يَعْرِضْ إِلَى امْرَأَةٍ، وَلَا إِلَى مَنْ يَسْتَسْلِمُ إِلَيْهِ.
وَفِيهَا هَبَّتْ رِيحٌ سُودٌ بِنَصِيبِينَ فَقَلَعَتْ مِنْ بَسَاتِينِهَا كَثِيرًا مِنَ الْأَشْجَارِ، وَكَانَ فِي بَعْضِ الْبَسَاتِينِ قَصْرٌ مَبْنِيٌّ بِجَصٍّ وَآجُرٍّ وَكِلْسٍ، فَقَلَعَتْهُ مِنْ أَصْلِهِ.
وَفِيهَا كَثُرَ الْمَوْتُ بِالْخَوَانِيقِ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْعِرَاقِ، وَالشَّامِ، وَالْمَوْصِلِ، وَخُوزِسْتَانَ، وَغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتِ الدَّارُ يُسَدُّ بَابُهَا لِمَوْتِ أَهْلِهَا.
(وَفِيهَا، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، انْقَضَّ كَوْكَبٌ هَالَ مَنْظَرُهُ النَّاسَ، وَبَعْدَهُ بِلَيْلَتَيْنِ انْقَضَّ شِهَابٌ آخَرُ أَعْظَمُ مِنْهُ كَأَنَّهُ الْبَرْقُ مُلَاصِقُ الْأَرْضِ، وَغَلَبَ عَلَى ضَوْءِ الْمَشَاعِلِ، وَمَكَثَ طَوِيلًا حَتَّى غَابَ أَثَرُهُ) .
[تَابِعُ الْوَفَيَاتِ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَبِيوَرْدِيُّ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، قَاضِي الْبَصْرَةِ، وَأَبُو بَكْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute