فَلَمَّا عَادَ مَسْعُودٌ مِنَ الْهِنْدِ وَأَجْلَى الْغُزَّ وَهَزَمَهُمْ سَارَ إِلَى جُرْجَانَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَمَلَكَهَا، وَسَارَ إِلَى آمُلِ طَبَرِسْتَانَ، وَقَدْ فَارَقَهَا أَصْحَابُهَا، وَاجْتَمَعُوا بِالْغِيَاضِ وَالْأَشْجَارِ الْمُلْتَفَّةِ، الضَّيِّقَةِ الْمَدْخَلِ، الْوَعْرَةِ الْمَسْلَكِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَاقْتَحَمَهَا عَلَيْهِمْ فَهَزَمَهُمْ وَأَسَرَ مِنْهُمْ وَقَتَلَ، ثُمَّ رَاسَلَهُ دَارَا وَأَبُو كَالِيجَارَ وَطَلَبُوا مِنْهُ الْعَفْوَ وَتَقْرِيرَ الْبِلَادِ عَلَيْهِمْ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَحَمَلُوا مِنَ الْأَمْوَالِ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ، وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ.
ذِكْرُ مَسِيرِ ابْنِ وَثَّابٍ وَالرُّومِ إِلَى بَلَدِ ابْنِ مَرْوَانَ
فِيهَا جَمَعَ ابْنُ وَثَّابٍ النُّمَيْرِيُّ جَمْعًا كَثِيرًا مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، وَاسْتَنْجَدَ مَنْ بِالرُّهَا مِنَ الرُّومِ، فَسَارَ مَعَهُ مِنْهُمْ جَيْشٌ كَثِيفٌ، وَقَصَدَ بَلَدَ نَصْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ مَرْوَانَ، وَنَهَبَ وَأَخْرَبَ. فَجَمَعَ ابْنُ مَرْوَانَ جُمُوعَهُ وَعَسَاكِرَهُ وَاسْتَمَدَّ قِرْوَاشًا وَغَيْرَهُ، وَأَتَتْهُ الْجُنُودُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَلَمَّا رَأَى ابْنُ وَثَّابٍ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَتِمُّ لَهُ غَرَضٌ عَادَ عَنْ بِلَادِهِ.
وَأَرْسَلَ ابْنُ مَرْوَانَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ يُعَاتِبُهُ عَلَى نَقْضِ الْهُدْنَةِ، وَفَسْخِ الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا، وَرَاسَلَ أَصْحَابَ الْأَطْرَافِ يَسْتَنْجِدُهُمْ لِلْغَزَاةِ، فَكَثُرَ جَمْعُهُ مِنَ الْجُنْدِ وَالْمُتَطَوِّعَةِ، وَعَزَمَ عَلَى قَصْدِ الرُّهَا وَمُحَاصَرَتِهَا، فَوَرَدَتْ رُسُلُ مَلِكِ الرُّومِ يَعْتَذِرُ، وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِمَا كَانَ، وَأَرْسَلَ إِلَى عَسْكَرِهِ الَّذِينَ بِالرُّهَا وَالْمُقَدَّمِ عَلَيْهِمْ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَأَهْدَى إِلَى نَصْرِ الدَّوْلَةِ هَدِيَّةً سَنِيَّةً، فَتَرَكَ مَا كَانَ عَازِمًا عَلَيْهِ مِنَ الْغَزْوِ، وَفَرَّقَ الْعَسَاكِرَ الْمُجْتَمِعَةَ عِنْدَهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِيهَا خَرَجَ أَبُو سَعْدٍ، وَزِيرُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، إِلَى أَبِي الشَّوْكِ مُفَارِقًا لِلْوَزَارَةِ، وَوَزَرَ بَعْدَهُ أَبُو الْقَاسِمِ، وَكَثُرَتْ (مُطَالَبَاتُ الْجُنْدِ) ، فَهَرَبَ، فَأُخْرِجَ وَحُمِلَ إِلَى دَارِ الْمَمْلَكَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute