للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصْلَ، فَأَرْسَلَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ أَبَا الْحَارِثِ أَرْسِلَانَ الْبَسَاسِيرِيَّ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِيَقْبِضَ عَلَى نَائِبِ قِرْوَاشٍ بِالسِّنْدِيَّةِ، فَسَارَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ، (وَتَبِعَهُ جَمْعٌ مِنَ الْعَرَبِ) فَرَأَى فِي طَرِيقِهِ جِمَالًا لِبَنِي عِيسَى، فَتَسَرَّعَ إِلَيْهَا الْأَتْرَاكُ وَالْعَرَبُ فَأَخَذُوا مِنْهَا قِطْعَةً، وَأَوْغَلَ الْأَتْرَاكُ فِي الطَّلَبِ.

وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْعَرَبِ، وَرَكِبُوا وَتَبِعُوا الْأَتْرَاكَ، وَجَرَى بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ حَرْبٌ انْهَزَمَ فِيهَا الْأَتْرَاكُ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، وَعَادَ الْمُنْهَزِمُونَ فَأَخْبَرُوا الْبَسَاسِيرِيَّ بِكَثْرَةِ الْعَرَبِ، فَعَادَ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى مَقْصِدِهِ.

وَسَارَ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي عِيسَى، فَكَمَنُوا بَيْنَ صَرْصَرٍ وَبَغْدَاذَ لِيُفْسِدُوا فِي السَّوَادِ، فَاتَّفَقَ أَنْ وَصَلَ بَعْضُ أَكَابِرِ الْقُوَّادِ الْأَتْرَاكِ، فَخَرَجُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَجَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، وَحُمِلُوا إِلَى بَغْدَاذَ، فَارْتَجَّ الْبَلَدُ وَاسْتُحْكِمَتِ الْوَحْشَةُ مَعَ مُعْتَمَدِ الدَّوْلَةِ قِرْوَاشٍ، فَجَمَعَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ الْعَسَاكِرَ وَسَارَ إِلَى الْأَنْبَارِ، وَهِيَ لِقِرْوَاشٍ، عَلَى عَزْمِ أَخْذِهَا مِنْهُ وَغَيْرِهَا مِنْ أَقْطَاعِهِ بِالْعِرَاقِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الْأَنْبَارِ أُغْلِقَتْ، وَقَاتَلَهُمْ أَصْحَابُ قِرْوَاشٍ، وَسَارَ قِرْوَاشٌ مِنْ تَكْرِيتَ إِلَى خُصَّةَ عَلَى عَزْمِ الْقِتَالِ، فَلَمَّا نَزَلَ الْمَلِكُ جَلَالُ الدَّوْلَةِ عَلَى الْأَنْبَارِ قَلَّتْ عَلَيْهِمُ الْعَلُوفَةُ، فَسَارَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَسْكَرِ وَالْعَرَبِ إِلَى الْحَدِيثَةِ لِيَمْتَارُوا مِنْهَا، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَوْقَعُوا بِهِمْ، فَانْهَزَمَ بَعْضُهُمْ وَعَادُوا إِلَى الْعَسْكَرِ، وَنَهَبَتِ الْعَرَبُ مَا مَعَهُمْ مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي تَحْمِلُ الْمِيرَةَ، وَبَقِيَ الْمُرْشِدُ أَبُو الْوَفَاءِ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْعَسْكَرِ الَّذِينَ سَارُوا لِإِحْضَارِ الْمِيرَةِ، وَثَبَتَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ.

وَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ أَنَّ الْمُرْشِدَ أَبَا الْوَفَاءِ (يُقَاتِلُ، وَأُخْبِرَ سَلَامَتُهُ وَصَبْرُهُ لِلْعَرَبِ) وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَهُ وَهُوَ يَطْلُبُ النَّجْدَةَ، فَسَارَ الْمَلِكُ إِلَيْهِ بِعَسْكَرٍ، فَوَصَلُوا وَقَدْ عَجَزَ الْعَرَبُ عَنِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَعَادُوا عَنْهُ بَعْدَ أَنْ حَمَلُوا عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>