للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهَا مُتَخَفِّيًا، وَسَارَ إِلَى شِيرَازَ إِلَى الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، صَاحِبِ فَارِسَ وَالْعِرَاقِ، فَحَسَّنَ لَهُ قَصْدَ أَصْبَهَانَ وَأَخْذَهَا مِنْ أَخِيهِ، فَسَارَ الْمَلِكُ إِلَيْهَا وَحَصَرَهَا، وَبِهَا الْأَمِيرُ أَبُو مَنْصُورٍ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ، وَجَرَى بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ عِدَّةُ وَقَائِعَ، وَكَانَ آخِرَ الْأَمْرِ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَبْقَى أَبُو مَنْصُورٍ بِأَصْبَهَانَ، وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ مَالٌ، وَعَادَ أَبُو حَرْبٍ إِلَى قَلْعَةِ نَطْنَزَ، وَاشْتَدَّ الْحِصَارُ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ يَطْلُبُ الْمُصَالَحَةَ، فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَخَاهُ بَعْضَ مَا فِي الْقَلْعَةِ، وَيَبْقَى بِهَا عَلَى حَالِه ِ.

ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ خَرَجَ إِلَى الرَّيِّ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي مَنْصُورٍ فِرَامَرْزَ يَطْلُبُ مِنْهُ الْمُوَادَعَةَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، وَسَارَ فِرَامَرْزُ إِلَى هَمَذَانَ وَبُرُجِرْدَ فَمَلَكَهُمَا، ثُمَّ اصْطَلَحَ هُوَ وَأَخُوهُ كِرْشَاسُفُ، وَأَقْطَعَهُ هَمَذَانَ، وَخُطِبَ لِأَبِي مَنْصُورٍ عَلَى مَنَابِرِ بِلَادِ كِرْشَاسُفَ، وَاتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمَا، وَكَانَ الْمُدَبِّرَ لِأَمْرِهِمَا الْكِيَا أَبُو الْفَتْحِ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ الَّذِي سَعَى فِي جَمْعِ كَلِمَتِهِمَا.

ذِكْرُ مُلْكِ طُغْرُلْبَك جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ طُغْرُلْبَك جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَنُّوشَرْوَانَ بْنَ مَنُّوجَهْرَ بْنِ قَابُوسِ بْنِ وَشْمِكِيرَ صَاحِبَهَا قَبَضَ عَلَى أَبِي كَالِيجَارِ بْنِ وَيْهَانَ الْقُوهِيِّ، صَاحِبِ جَيْشِهِ وَزَوْجِ أُمِّهِ، بِمُسَاعَدَةِ أُمِّهِ عَلَيْهِ، فَعَلِمَ حِينَئِذٍ طُغْرُلْبَك أَنَّ الْبِلَادَ لَا مَانِعَ لَهُ عَنْهَا، فَسَارَ إِلَيْهَا وَقَصَدَ جُرْجَانَ وَمَعَهُ مَرْدَاوَيْجُ بْنُ بَسُّو، فَلَمَّا نَازَلَهَا فَتَحَ لَهُ الْمُقِيمُ بِهَا فَدَخَلَهَا، وَقَرَّرَ عَلَى أَهْلِهَا مِائَةَ أَلْفَ دِينَارٍ صُلْحًا، وَسَلَّمَهَا إِلَى مَرْدَاوَيْجَ بْنِ بَسُّو، وَقَرَّرَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ عَنْ جَمِيعِ الْأَعْمَالِ، وَعَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ.

وَقَصَدَ مَرْدَاوَيْجُ أَنُّوشَرْوَانَ بِسَارِيَةٍ، وَكَانَ بِهَا، فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ ضَمِنَ أَنُّوشَرْوَانَ لَهُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَأُقِيمَتِ الْخُطْبَةُ لِطُغْرُلْبَك فِي الْبِلَادِ كُلِّهَا، وَتَزَوَّجَ مَرْدَاوَيْجُ بِوَالِدَةِ أَنُّوشَرْوَانَ، وَبَقِيَ أَنُّوشَرْوَانَ يَتَصَرَّفُ بِأَمْرِ مَرْدَاوَيْجَ لَا يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ الْبَتَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>