(وَخَطَبَ فِيهَا لِإِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، وَرَجَعَ إِلَى مَايَدَشْتَ، فَسَارَ عَمُّهُ مُهَلْهِلٌ إِلَى حُلْوَانَ فَمَلَكَهَا) ، وَقَطَعَ مِنْهَا خُطْبَةَ يَنَّالَ.
فَلَمَّا سَمِعَ سَعْدِي بِذَلِكَ سَارَ إِلَى حُلْوَانَ، فَفَارَقَهَا عَمُّهُ مُهَلْهِلٌ إِلَى نَاحِيَةِ بَلُّوطَةَ، وَمَلَكَ سَعْدِي حُلْوَانَ وَسَارَ إِلَى عَمِّهِ سُرْخَابٍ فَكَبَسَهُ وَنَهَبَ مَا كَانَ مَعَهُ، وَسَيَّرَ جَمْعًا إِلَى الْبَنْدَنِيجَيْنِ، فَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا وَقَبَضُوا عَلَى نَائِبِ سُرْخَابٍ بِهَا، وَنَهَبُوا بَعْضَهَا، وَانْهَزَمَ سُرْخَابٌ فَصَعِدَ إِلَى قَلْعَةِ دَزْدِيلُويَةَ، ثُمَّ عَادَ سَعْدِي إِلَى قِرْمِسِينَ، فَسَيَّرَ عَمُّهُ مُهَلْهِلٌ ابْنَهُ بَدْرًا إِلَى حُلْوَانَ فَمَلَكَهَا، فَجَمَعَ سَعْدِي وَأَكْثَرَ وَعَادَ إِلَى حُلْوَانَ، فَفَارَقَهَا مَنْ كَانَ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ عَمِّهِ إِلَّا مَنْ كَانَ بِالْقَلْعَةِ، وَمَلَكَهَا سَعْدِي، وَكَانَ قَدْ صَحِبَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْغُزِّ، فَسَارَ بِهِمْ مِنْهَا إِلَى عَمِّهِ مُهَلْهِلٍ، وَتَرَكَ بِهَا مَنْ يَحْفَظُهَا، فَلَمَّا عَلِمَ عَمُّهُ بِقُرْبِهِ مِنْهُ سَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى قَلْعَةِ تِيرَانْشَاهْ بِقُرْبِ شَهْرَزُورَ، فَاحْتَمَى بِهَا، وَمَلَكَ الْغُزُّ كَثِيرًا مِنَ النَّوَاحِي وَالْمَوَاشِي، وَغَنِمُوا كَثِيرًا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالدَّوَاب ِّ.
فَلَمَّا رَأَى سَعْدِي تَحَصُّنَ عَمِّهِ مِنْهُ خَافَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ بِحُلْوَانَ، فَعَادَ عَازِمًا عَلَى مُحَاصَرَةِ الْقَلْعَةِ فَمَضَى وَحَصَرَهَا، وَقَاتَلَهُ مَنْ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ عَمِّهِ، وَنَهَبَ الْغُزُّ حُلْوَانَ وَفَتَكُوا فِيهَا وَافْتَضُّوا الْأَبْكَارَ، وَأَحْرَقُوا الْمَسَاكِنَ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ، وَفَعَلُوا فِي تِلْكَ النَّوَاحِي جَمِيعِهَا أَقْبَحَ فِعْلٍ.
وَلَمَّا سَمِعَ أَصْحَابُ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ وَوَزِيرُهُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ نَدَبُوا الْعَسَاكِرَ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى مُهَلْهِلٍ وَمُسَاعَدَتِهِ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ، وَدَفْعِهِ عَنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ، فَلَمْ يَفْعَلُوا.
ثُمَّ إِنَّ سَعْدِي أَقْطَعَ أَبَا الْفَتْحِ بْنَ وَرَّامٍ الْبَنْدَنِيجَيْنَ وَاتَّفَقَا، وَاجْتَمَعَا عَلَى قَصْدِ عَمِّهِ سُرْخَابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِنَّازٍ وَحَصْرِهِ بِقَلْعَةِ دَزْدِيلَوِيَّةَ، فَسَارَا فِيمَنْ مَعَهُمَا مِنَ الْعَسَاكِرِ، فَلَمَّا قَارَبُوا الْقَلْعَةَ دَخَلُوا فِي مَضِيقٍ هُنَاكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْعَلُوا لَهُمْ طَلِيعَةً، طَمَعًا فِيهِ وَإِدْلَالًا بِقُوَّتِهِمْ، وَكَانَ سُرْخَابٌ قَدْ جَعَلَ عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ عَلَى فَمِ الْمَضِيقِ جَمْعًا مِنَ الْأَكْرَادِ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَضِيقَ لَقِيَهُمْ سُرْخَابٌ، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْقَلْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute