وَتُجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَتَغْنَمُوا، وَأَنَا سَائِرٌ عَلَى أَثَرِكُمْ، وَمُسَاعِدٌ لَكُمْ عَلَى أَمْرِكُم ْ. فَفَعَلُوا. وَسَارُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَبِعَهُمْ، فَوَصَلُوا إِلَى مَلَازْكِرْدَ، وَأَرْزَنِ الرُّومِ، وَقَالِيقَلَا، وَبَلَغُوا طَرَابْزُونَ وَتِلْكَ النَّوَاحِيَ كُلَّهَا، وَلَقِيَهُمْ عَسْكَرٌ عَظِيمٌ لِلرُّومِ وَالْأَبْخَازِ يَبْلُغُونَ خَمْسِينَ أَلْفًا، فَاقْتَتَلُوا وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ عِدَّةُ وَقَائِعَ تَارَةً يَظْفَرُ هَؤُلَاءِ وَتَارَةً هَؤُلَاءِ، وَكَانَ آخِرَ الْأَمْرِ الظَّفَرُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ فِي الرُّومِ وَهَزَمُوهُمْ، وَأَسَرُوا جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنْ بَطَارِقَتِهِمْ، وَمِمَّنْ أُسِرَ قَارِيطُ مَلِكُ الْأَبْخَازِ، فَبَذَلَ فِي نَفْسِهِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَهَدَايَا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَزَلْ يَجُوسُ تِلْكَ الْبِلَادَ وَيَنْهَبُهَا إِلَى أَنْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَاسْتَوْلَى الْمُسْلِمُونَ عَلَى تِلْكَ النَّوَاحِي فَنَهَبُوهَا، وَغَنِمُوا مَا فِيهَا، وَسَبَوْا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ رَأْسٍ، وَأَخَذُوا مِنَ الدَّوَابِّ وَالْبِغَالِ وَالْغَنَائِمِ وَالْأَمْوَالِ مَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْإِحْصَاءُ، وَقِيلَ: إِنَّ الْغَنَائِمَ حُمِلَتْ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ عَجَلَةٍ، وَإِنَّ فِي جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْع ٍ.
وَكَانَ قَدْ دَخَلَ بَلَدَ الرُّومِ جَمْعٌ مِنَ الْغُزِّ يَقْدُمُهُمْ إِنْسَانٌ نَسِيبُ طُغْرُلْبَك، فَلَمْ يُؤَثِّرْ كَبِيرَ أَثَرٍ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةٌ وَعَادَ، وَدَخَلَ بَعْدَهُ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالَ فَفَعَلَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
ذِكْرُ مَوْتِ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ وَمُلْكِ ابْنِهِ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ أَبُو كَالِيجَارَ الْمَرْزُبَانُ بْنُ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ بْنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، رَابِعَ جُمَادَى الْأُولَى، بِمَدِينَةِ جَنَابٍ مِنْ كِرْمَانَ.
وَكَانَ سَبَبُ مَسِيرِهِ إِلَيْهَا أَنَّهُ كَانَ قَدْ عَوَّلَ فِي وِلَايَةِ كِرْمَانَ حَرْبًا وَخَرَابًا عَلَى بَهْرَامَ بْنِ لَشْكَرِسْتَانَ الدَّيْلَمِيِّ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِ مَالًا، فَتَرَاخَى بَهْرَامُ فِي تَحْرِيرِ الْأَمْرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute