للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَنَفِيَّةِ أَبَا سَعْدٍ السَرَخْسَيَّ، وَأَحْرَقُوا الْخَانَ وَدُورَ الْفُقَهَاءِ) ، وَتَعَدَّتِ الْفِتْنَةُ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، فَاقْتَتَلَ أَهْلُ بَابِ الطَّاقِ وَسُوقِ بَجٍّ وَالْأَسَاكِفَةُ وَغَيْرُهُم ْ.

وَلَمَّا انْتَهَى خَبَرُ إِحْرَاقِ الْمَشْهَدِ إِلَى نُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ عَظُمَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ وَبَلَغَ مِنْهُ كُلَّ مَبْلَغٍ، لِأَنَّهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ وَسَائِرَ أَعْمَالِهِ مِنَ النِّيلِ وَتِلْكَ الْوِلَايَةَ كُلُّهُمْ شِيعَةٌ، فَقُطِعَتْ فِي أَعْمَالِهِ خُطْبَةُ الْإِمَامِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَرُوسِلَ فِي ذَلِكَ وَعُوتِبَ، فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ أَهْلَ وِلَايَتِهِ شِيعَةٌ، وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَمْ يُمْكِنْهُ كَفُّ السُّفَهَاءِ الَّذِينَ فَعَلُوا بِالْمَشْهَدِ مَا فَعَلُوا، وَأَعَادَ الْخُطْبَةَ إِلَى حَالِهَا.

ذِكْرُ عِصْيَانِ بَنِي قُرَّةَ عَلَى الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ بِمِصْرَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ عَصَى بَنُو قُرَّةَ بِمِصْرَ عَلَى الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ الْخَلِيفَةِ الْعَلَوِي ِّ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ الْمُقَرَّبُ، وَقَدَّمَهُ، فَنَفَرُوا مِنْ ذَلِكَ وَكَرِهُوهُ وَاسْتَعْفَوْا مِنْهُ، فَلَمْ يَعْزِلْهُ عَنْهُمْ، فَكَاشَفُوا بِالْخِلَافِ وَالْعِصْيَانِ، وَأَقَامُوا بِالْبُحَيْرَةِ مُقَابِلَ مِصْرَ، وَتَظَاهَرُوا بِالْفَسَادِ، فَعَبَّرَ إِلَيْهِمُ الْمُسْتَنْصِرُ بِاللَّهِ جَيْشًا يُقَاتِلُهُمْ وَيَكُفُّهُمْ، فَقَاتَلَهُمْ بَنُو قُرَّةَ فَانْهَزَمَ الْجَيْشُ وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، فَانْتَقَلَ بَنُو قُرَّةَ إِلَى طَرَفِ الْبَرِّ، فَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَى الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ، وَجَمَعَ الْعَرَبَ مِنْ طَيِّئٍ وَكَلْبٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْعَسَاكِرِ، وَسَيَّرَهُمْ فِي أَثَرِ بَنِي قُرَّةَ، فَأَدْرَكُوهُمْ بِالْبُحَيْرَةِ، فَوَاقَعُوهُمْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي بَنِي قُرَّةَ، وَانْهَزَمُوا، وَعَادَ الْعَسْكَرُ إِلَى مِصْرَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>