وَحَفَرَ الْخَنْدَقَ، فَمَضَى الْمَلِكُ الرَّحِيمُ إِلَيْهِ وَقَاتَلَهُمْ، فَمَلَكَ الْمَوْضِعَ وَمَضَى أَبُو عَلِيٍّ وَوَالِدَتُهُ إِلَى عَبَّادَانَ، وَرَكِبُوا الْبَحْرَ إِلَى مَهْرُوبَانَ، وَخَرَجُوا مِنَ الْبَحْرِ وَاكْتَرَوْا دَوَابَّ، وَسَارُوا إِلَى أَرَّجَانَ عَازِمِينَ عَلَى قَصْدِ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك، وَأَخْرَجَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ كُلَّ مَنْ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الدَّيْلَمِ أَجْنَادِ أَخِيهِ، وَأَقَامَ غَيْرَهُم ْ.
ثُمَّ إِنَّ الْأَمِيرَ أَبَا عَلِيٍّ وَصَلَ إِلَى السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك وَهُوَ بِأَصْبَهَانَ، فَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ مَالًا، وَزَوَّجَهُ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِهِ، وَأَقْطَعُهُ إِقْطَاعًا مِنْ أَعْمَالِ جَرْبَاذَقَانَ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِ قَلْعَتَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْأَعْمَالِ أَيْضًا.
وَسَلَّمَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ الْبَصْرَةَ إِلَى الْبَسَاسِيرِيِّ وَمَضَى إِلَى الْأَهْوَازِ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْصُورِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَهَزَارَسْبَ حَتَّى اصْطَلَحُوا، وَصَارَتْ أَرَّجَانُ وَتُسْتَرُ لِلْمَلِكِ الرَّحِيم ِ.
ذِكْرُ وُرُودِ سَعْدِي الْعِرَاقَ
وَفِيهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَرَدَ سَعْدِي بْنُ أَبِي الشَّوْكِ فِي جَيْشٍ مِنْ عِنْدِ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك إِلَى نَوَاحِي الْعِرَاقِ، فَنَزَلَ مَايَدَشْتَ، وَسَارَ مِنْهَا جَرِيدَةً فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْغُزِّ إِلَى أَبِي دُلَفَ الْجَاوَانِيِّ، فَنَذِرَ بِهِ أَبُو دُلَفَ وَانْصَرَفَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَلَحِقَهُ سَعْدِي فَنَهَبَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ، وَأَفْلَتَ أَبُو دُلَفَ بِحُشَاشَةِ نَفْسِهِ، وَنَهَبَ أَصْحَابُ سَعْدِي الْبِلَادَ حَتَّى بَلَغُوا النُّعْمَانِيَّةَ، فَأَسْرَفُوا فِي النَّهْبِ وَالْغَارَةِ، وَفَتَكُوا فِي الْبِلَادِ، وَافْتَضُّوا الْأَبْكَارَ، فَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ وَالْأَثَاثَ فَلَمْ يَتْرُكُوا شَيْئًا، وَقَصَدَ الْبَنْدَنِيجَيْنَ.
وَبَلَغَ خَبَرُهُ إِلَى خَالِهِ خَالِدِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ نَازِلٌ عَلَى الزَّرِيرِ وَمَطَرٍ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ مُقْنٍ الْعُقَيْلِيَّيْنِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ وَلَدَهُ مَعَ أَوْلَادِ الزَّرِيرِ وَمَطَرٍ يَشْكُونَ إِلَيْهِ مَا عَامَلَهُمْ بِهِ عَمُّهُ مُهَلْهِلٌ، وَقُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ، فَلَحِقُوهُ بِحُلْوَانَ وَشَكَوْا إِلَيْهِ حَالَهُمْ، فَوَعَدَهُمُ الْمَسِيرَ إِلَيْهِمْ، وَالْأَخْذَ لَهُمْ مِمَّنْ قَصَدَهَم ْ. فَعَادُوا مِنْ عِنْدِهِ، فَلَقِيَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ مُهَلْهِلٍ فَوَاقَعهُمْ، فَظَفِرَ بِهِمُ الْعُقَيْلِيُّونَ وَأَسَرُوهُم ْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute