مَالِكِ بْنِ بَكْرِ بْنِ حُبَيْبِ بْنِ تَغْلِبَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُوقِدُوا عَلَى خَزَازٍ نَارًا لِيَهْتَدُوا بِهَا، وَخَزَازٌ جَبَلٌ بِطَخْفَةَ مَا بَيْنَ الْبَصْرَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ سَالِعٍ، وَهُوَ جَبَلٌ أَيْضًا، وَقَالَ لَهُ: إِنْ غَشِيَتْكَ الْعَدُوُّ فَأَوْقِدْ نَارَيْنِ. فَبَلَغَ مَذْحِجًا اجْتِمَاعُ رَبِيعَةَ وَمَسِيرُهَا فَأَقْبَلُوا بِجُمُوعِهِمْ، وَاسْتَنْفَرُوا مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ وَسَارُوا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ أَهْلُ تِهَامَةَ بِمَسِيرِ مَذْحِجٍ انْضَمُّوا إِلَى رَبِيعَةَ، وَوَصَلَتْ مَذْحِجٌ إِلَى خَزَازٍ لَيْلًا، فَرَفَعَ السَّفَّاحُ نَارَيْنِ. فَلَمَّا رَأَى كُلَيْبٌ النَّارَيْنِ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ بِالْجُمُوعِ فَصَحِبَهُمْ، فَالْتَقَوْا بِخَزَازٍ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا أَكْثَرُوا فِيهِ الْقَتْلَ، فَانْهَزَمَتْ مَذْحِجٌ وَانْفَضَّتْ جُمُوعُهَا، فَقَالَ السَّفَّاحُ فِي ذَلِكَ:
وَلَيْلَةَ بِتُّ أُوقِدُ فِي خَزَازٍ ... هَدَيْتُ كَتَائِبًا مُتَحَيِّرَاتِ
ضَلَلْنَ مِنَ السُّهَادِ وَكُنَّ لَوْلَا ... سُهَادُ الْقَوْمِ أَحْسَبُ هَادِيَاتِ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يُخَاطِبُ جَرِيرًا وَيَهْجُوهُ:
لَوْلَا فَوَارِسُ تَغْلِبَ ابْنَةِ وَائِلٍ ... دَخَلَ الْعَدُوُّ عَلَيْكَ كُلَّ مَكَانِ
ضَرَبُوا الصَّنَائِعَ وَالْمُلُوكَ ... وَأَوْقَدُوا نَارَيْنِ أَشْرَفَتَا عَلَى النِّيرَانِ
وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ مَنْ كَانَ الرَّئِيسَ يَوْمَ خَزَازٍ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ كُلْثُومٍ، وَهُوَ ابْنُ ابْنَةِ كُلَيْبٍ، يَقُولُ:
وَنَحْنُ غَدَاةَ أُوقِدَ فِي خَزَازٍ ... رَفَدْنَا فَوْقَ رِفْدِ الرَّافِدِينَا
فَلَوْ كَانَ جَدُّهُ الرَّئِيسَ لَذَكَرَهُ وَلَمْ يَفْتَخِرْ بِأَنَّهُ رِفْدٌ، ثُمَّ جَعَلَ مَنْ شَهِدَ خَزَازًا مُتَسَانِدِينَ فَقَالَ:
فَكُنَّا الْأَيْمَنَيْنِ إِذَا الْتَقَيْنَا ... وَكَانَ الْأَيْسَرَيْنِ بَنُو أَبِينَا
فَصَالُوا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِيهِمْ ... وَصُلْنَا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِينَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute