وَنَهْبِ الْبِلَادِ، وَقَتْلِ النُّفُوسِ، فَسَعَوْا فِي الصُّلْحِ، فَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ وَالْيَمِينُ، وَكُتِبَتِ النُّسَخُ بِذَلِكَ، فَاسْتَبْشَرَ النَّاسُ وَسَرَّهُمْ لِمَا أَشْرَفُوا عَلَيْهِ مِنَ الْعَافِيَةِ.
ذِكْرُ وَفَاةِ دَاوُدَ وَمُلْكِ ابْنِهِ أَلْب أَرْسَلَانَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَجَبٍ، تُوُفِّيَ جُغْرِي بِكْ دَاوُدُ بْنُ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ،
أَخُو السُّلْطَانِ طُغْرُلْبِكْ، وَقِيلَ كَانَ مَوْتُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَعُمْرُهُ نَحْوَ سَبْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ صَاحِبَ خُرَاسَانَ، وَهُوَ مُقَابِلُ آلِ سُبُكْتِكِينَ وَمُقَاتِلُهُمْ وَمَانِعُهُمْ عَنْ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ مَلَكَ بَعْدَهُ خُرَاسَانَ ابْنُهُ السُّلْطَانُ أَلْب أَرْسَلَانَ (وَخَلَفَ دَاوُدُ عِدَّةَ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ مِنْهُمْ: السُّلْطَانُ أَلْبُ أَرَسْلَانَ) وَيَاقُوتِيٌّ وَسُلَيْمَانُ، وَقَارُوتُ بِكْ، فَتَزَوَّجَ أُمَّ سُلَيْمَانَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبِكْ، بَعْدَ أَخِيهِ دَاوُدَ وَوَصَّى لَهُ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا نَذْكُرُهُ.
وَكَانَ خَيِّرًا، عَادِلًا، حَسَنَ السِّيرَةِ، مُعْتَرِفًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، شَاكِرًا عَلَيْهَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ طُغْرُلْبِكْ مَعَ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَاضِي سَرَخْسَ يَقُولُ لَهُ: بَلَغَنِي إِخْرَابُكَ الْبِلَادَ الَّتِي فَتَحْتَهَا وَمَلَكْتَهَا، وَجَلَا أَهْلِهَا عَنْهَا وَهَذَا مَا لَا خَفَاءَ بِهِ مُخَالَفَةُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِيهِ مِنْ سُوءِ السُّمْعَةِ وَإِيحَاشِ الرَّعِيَّةِ.
وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّنَا لَقِينَا أَعْدَاءَنَا وَنَحْنُ فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا، وَهُمْ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ فَغَلَبْنَاهُمْ، وَكُنَّا فِي ثَلَاثِمِائَةٍ، وَهُمْ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ، فَغَلَبْنَاهُمْ، وَكُنَّا فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَهُمْ فِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَدَفَعْنَاهُمْ، وَقَاتَلْنَا بِالْأَمْسِ شَاهَ مُلْكٍ، وَهُوَ فِي أَعْدَادٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَافِرَةٍ، فَقَهَرْنَاهُ، وَأَخَذْنَا مَمْلَكَتَهُ بِخُوَارِزْمَ، وَهَرَبَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا إِلَى خَمْسِمِائَةِ فَرْسَخٍ مِنْ مَوْضِعِهِ، فَظَفِرْنَا بِهِ وَأَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَاهُ، وَاسْتَوْلَيْنَا عَلَى مَمَالِكِ خُرَاسَانَ وَطَبَرِسْتَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute