للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةً، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْأُمُورِ بِبِلَادِهِ اسْتِيلَاءً تَامًّا، وَعَمَّرَ الثُّغُورَ وَضَبَطَهَا، وَتَنَعَّمَ تَنَعُّمًا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ.

وَمَلَكَ مِنَ الْجَوَارِي الْمُغَنِّيَاتِ مَا اشْتَرَى بَعْضَهُمْ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَلَكَ خَمْسَمِائَةِ سَرِيَّةٍ سِوَى تَوَابِعِهِنَّ، وَخَمْسَمِائَةِ خَادِمٍ.

وَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ مِنَ الْآلَاتِ مَا تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَتَزَوَّجَ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ جُمْلَةً، وَأَرْسَلَ طَبَّاخِينَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَغَرَمَ عَلَى إِرْسَالِهِمْ جُمْلَةً وَافِرَةً حَتَّى تَعَلَّمُوا الطَّبْخَ مِنْ هُنَاكَ.

وَأَرْسَلَ إِلَى السُّلْطَانِ طُغْرُلْبِكْ هَدَايَا عَظِيمَةً، مِنْ جُمْلَتِهَا الْجَبَلُ الْيَاقُوتُ الَّذِي كَانَ لِبَنِي بُوَيْهِ، اشْتَرَاهُ مِنَ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَأَرْسَلَ مَعَهُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ سِوَى ذَلِكَ.

وَوَزَرَ لَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْمَغْرِبِيِّ، وَفَخْرُ الدَّوْلَةِ بْنُ جَهِيرٍ، وَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ فِي أَيَّامِهِ، وَتَظَاهَرَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ، وَوَفَدَ إِلَيْهِ الشُّعَرَاءُ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ الْعُلَمَاءُ وَالزُّهَّادُ.

وَبَلَغَهُ أَنَّ الطُّيُورَ فِي الشِّتَاءِ تَخْرُجُ مِنَ الْجِبَالِ إِلَى الْقُرَى فَتُصَادُ، فَأَمَرَ أَنْ يُطْرَحَ لَهَا الْحَبُّ مِنَ الْأَهْرَاءِ الَّتِي لَهُ، فَكَانَتْ فِي ضِيَافَتِهِ طُولَ عُمْرِهِ.

وَلَمَّا مَاتَ اتَّفَقَ وَزِيرُهُ فَخْرُ الدَّوْلَةِ بْنُ جَهِيرٍ وَابْنُهُ نَصْرٌ، فَرَتَّبَ نَصْرًا فِي الْمُلْكِ بَعْدَ أَبِيهِ، وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ سَعِيدٍ حُرُوبٌ شَدِيدَةٌ كَانَ الظَّفَرُ فِي آخِرِهَا لِنَصْرٍ، فَاسْتَقَرَّ فِي الْإِمَارَةِ بِمَيَافَارِقِينَ وَغَيْرِهَا، وَمَلَكَ أَخُوهُ سَعِيدٌ آمِدَ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ.

فِي رَجَبٍ خُلِعَ عَلَى الْكَامِلِ أَبِي الْفَوَارِسِ طِرَادِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَقُلِّدَ نِقَابَةَ النُّقَبَاءِ، وَلُقِّبَ الْكَامِلُ ذَا الشَّرَفَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>