الْغَرْبِيِّ مَقْبَرَةُ أَحْمَدَ، وَمَشْهَدُ بَابِ التِّبْنِ، وَتَهَدَّمَ سُورُهُ، فَأَطْلَقَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ أَلْفَ دِينَارٍ تُصْرَفُ فِي عِمَارَتِهِ، وَدَخَلَ الْمَاءُ مِنْ شَبَابِيكِ الْبِيمَارِسْتَانِ الْعَضُدِيِّ.
وَمِنْ عَجِيبِ مَا يُحْكَى فِي هَذَا الْغَرَقِ أَنَّ النَّاسَ، فِي الْعَامِ الْمَاضِي، كَانُوا قَدْ أَنْكَرُوا كَثْرَةَ الْمُغَنِّيَاتِ وَالْخُمُورِ، فَقَطَعَ بَعْضُهُمْ أَوْتَارَ عُودِ مُغَنِّيَةٍ كَانَتْ عِنْدَ جُنْدِيٍّ، فَثَارَ بِهِ الْجُنْدِيُّ الَّذِي كَانَتْ عِنْدَهُ، فَضَرَبَهُ فَاجْتَمَعَتِ الْعَامَّةُ وَمَعَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَاسْتَغَاثُوا بِالْخَلِيفَةِ وَطَلَبُوا هَدْمَ الْمَوَاخِيرِ وَالْحَانَاتِ وَتَبْطِيلَهَا، فَوَعَدَهُمْ أَنْ يُكَاتِبَ السُّلْطَانَ فِي ذَلِكَ، فَسَكَنُوا وَتَفَرَّقُوا.
وَلَازَمَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّالِحِينَ الدُّعَاءَ بِكَشْفِهِ، فَاتَّفَقَ أَنْ غَرِقَتْ بَغْدَاذُ، وَنَالَ الْخَلِيفَةُ وَالْجُنْدُ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، وَعَمَّتْ مُصِيبَتُهُ النَّاسَ كَافَّةً، فَرَأَى الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي مُوسَى بَعْضَ الْحُجَّابِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: نَحْنُ نُكَاتِبُ السُّلْطَانَ، وَنَسْعَى فِي تَفْرِيقِ النَّاسِ، وَيَقُولُ: اسْكُنُوا إِلَى أَنْ يَرِدَ الْجَوَابُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ كَتَبْنَا، وَكَتَبْتُمْ، فَجَاءَ جَوَابُنَا قَبْلَ جَوَابِكُمْ، يَعْنِي أَنَّهُمْ شَكَوْا مَا حَلَّ بِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ أَجَابَهُمْ بِالْغَرَقِ، قَبْلَ وُرُودِ جَوَابِ السُّلْطَانِ.
ذِكْرُ مُلْكِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ تِرْمِذَ وَالْهُدْنَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ سَمَرْقَنْدَ.
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ خَاقَانَ أَلْتَكِينَ صَاحِبَ سَمَرْقَنْدَ مَلَكَ تِرْمِذَ بَعْدَ قَتْلِ السُّلْطَانِ أَلْب أَرْسَلَانَ، فَلَمَّا اسْتَقَامَتِ الْأُمُورُ لِلسُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ سَارَ إِلَى تِرْمِذَ وَحَصَرَهَا، وَطَمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute