للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا سَمِعَ نِظَامُ الْمُلْكِ مَا جَرَى مِنَ الْفِتَنِ، وَقَصْدِ مَدْرَسَتِهِ، وَالْقَتْلِ بِجِوَارِهَا، مَعَ أَنَّ ابْنَهُ مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ فِيهَا، عَظُمَ عَلَيْهِ، فَأَعَادَ كُوهَرَائِينَ إِلَى شِحْنَكِيَّةِ الْعِرَاقِ، وَحَمَّلَهُ رِسَالَةً إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ تَتَضَمَّنُ الشَّكْوَى مِنْ بَنِي جَهِيرٍ، وَسَأَلَ عَزْلَ فَخْرِ الدَّوْلَةِ مِنَ الْوِزَارَةِ، وَأَمَرَ كُوهَرَائِينَ بِأَخْذِ أَصْحَابِ بَنِي جَهِيرٍ، وَإِيصَالِ الْمَكْرُوهِ إِلَيْهِمْ وَإِلَى حَوَاشِيهِمْ.

فَسَمِعَ بَنُو جَهِيرٍ الْخَبَرَ، فَسَارَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ يُرِيدُ نِظَامَ الْمُلْكِ لِيَسْتَعْطِفَهُ، وَتَجَنَّبَ الطَّرِيقَ، وَسَلَكَ الْجِبَالَ خَوْفًا أَنْ يَلْقَاهُ كُوهَرَائِينُ وَيَنَالَهُ فِيهَا أَذًى، فَلَمَّا وَصَلَ كُوهَرَائِينُ إِلَى بَغْدَاذَ اجْتَمَعَ بِالْخَلِيفَةِ وَأَبْلَغَهُ رِسَالَةَ نِظَامِ الْمُلْكِ، فَأَمَرَ فَخْرَ الدَّوْلَةِ بِلُزُومِ مَنْزِلِهِ.

وَوَصَلَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ السُّلْطَانِيِّ، وَلَمْ يَزَلْ يَسْتَصْلِحُ نِظَامَ الْمُلْكِ حَتَّى عَادَ إِلَى مَا أَلِفَهُ مِنْهُ، وَزَوَّجَهُ بِابْنَةِ بِنْتٍ لَهُ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَاذَ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى، فَلَمْ يَرُدَّ الْخَلِيفَةُ أَبَاهُ إِلَى وِزَارَتِهِ، وَأَمَرَهُمَا بِمُلَازَمَةِ مَنَازِلِهِمَا، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا شُجَاعٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ.

ثُمَّ إِنَّ نِظَامَ الْمُلْكِ رَاسَلَ الْخَلِيفَةَ فِي إِعَادَةِ بَنِي جَهِيرٍ إِلَى الْوِزَارَةِ، وَشَفَعَ فِي ذَلِكَ، فَأُعِيدَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْوِزَارَةِ، وَأُذِنَ لِأَبِيهِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ فِي فَتْحِ بَابِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ تُتُشْ عَلَى دِمَشْقَ.

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُش بْنُ أَلْب أَرْسَلَانَ دِمَشْقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>