للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ الْأَمِيرُ أُرْتُقْ قَدْ قَصَدَ السُّلْطَانَ، فَعَادَ صُحْبَةَ عَمِيدِ الدَّوْلَةِ مِنَ الطَّرِيقِ فَسَارَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَهْلِهَا يُشِيرُ عَلَيْهِمْ بِطَاعَةِ السُّلْطَانِ وَتَرْكِ عِصْيَانِهِ، فَفَتَحُوا لَهُ الْبَلَدَ وَسَلَّمُوهُ إِلَيْهِ، وَسَارَ السُّلْطَانُ بِنَفْسِهِ وَعَسَاكِرِهِ إِلَى بِلَادِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ لِيَمْلِكَهَا، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِخُرُوجِ أَخِيهِ تُكَشْ بِخُرَاسَانَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.

وَرَأَى شَرَفَ الدَّوْلَةِ قَدْ خَلَصَ مِنَ الْحَصْرِ، فَأَرْسَلَ مُؤَيَّدَ الْمُلْكِ بْنَ نِظَامِ الْمُلْكِ إِلَى شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ مُقَابِلَ الرَّحْبَةِ، فَأَعْطَاهُ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ، وَأَحْضَرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَهُوَ بِالْبَوَازِيجِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ آخِرَ رَجَبٍ، وَكَانَتْ أَمْوَالُهُ قَدْ ذَهَبَتْ، فَاقْتَرَضَ مَا خَدَمَ بِهِ، وَحَمَلَ لِلسُّلْطَانِ خَيْلًا رَائِقَةً، مِنْ جُمْلَتِهَا فَرَسُهُ بَشَّارٌ وَهُوَ فَرَسُهُ الْمَشْهُورُ الَّذِي نَجَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَعْرَكَةِ، وَمِنْ آمِدَ أَيْضًا، وَكَانَ سَابِقًا لَا يُجَارَى، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِأَنْ يُسَابِقَ بِهِ الْخَيْلَ، فَجَاءَ سَابِقًا، فَقَامَ السُّلْطَانُ قَائِمًا لِمَا تَدَاخَلَهُ مِنَ الْعَجَبِ.

وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ النَّقِيبَ طِرَادًا الزَّيْنَبِيَّ فِي لِقَاءِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَلَقِيَهُ بِالْمَوْصِلِ فَزَادَ أَمْرُ الدَّوْلَةِ قُوَّةً، وَصَالَحَهُ السُّلْطَانُ، وَأَقَرَّهُ عَلَى بِلَادِهِ، وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ لِحَرْبِ أَخِيهِ.

ذِكْرُ عِصْيَانِ تُكَشْ عَلَى أَخِيهِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ.

قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَذِكْرُ مُصَالَحَتِهِ لِلسُّلْطَانِ، فَلَمَّا كَانَ الْآنُ، وَرَأَى بُعْدَ السُّلْطَانِ عَنْهُ عَاوَدَ الْعِصْيَانَ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُؤْثِرُونَ الِاخْتِلَاطَ، فَحَسَّنُوا لَهُ مُفَارَقَةَ طَاعَةِ أَخِيهِ، فَأَجَابَهُمْ، وَسَارَ مَعَهُمْ، فَمَلَكَ مَرْوَ الرُّوذِ وَغَيْرَهَا إِلَى قَلْعَةٍ تُقَارِبُ سَرْخَسَ، وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>