للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ وَإِلَى وَزِيرِهِ مُؤَيِّدِ الْمُلْكِ بْنِ نِظَامِ الْمُلْكِ يَطْلُبُ أَنْ يُقِرَّ عَلَيْهِ خُرَاسَانَ. كَمَا كَانَتْ لِجَدِّهِ دَاوُدَ، مَا عَدَا نَيْسَابُورَ، وَيَبْذُلُ الْأَمْوَالَ وَلَا يُنَازِعُ فِي السَّلْطَنَةِ، فَسَكَتَ عَنْهُ بَرْكِيَارُقُ لِاشْتِغَالِهِ بِأَخِيهِ مَحْمُودٍ وَعَمِّهِ تُتُشْ، فَلَمَّا عَزَلَ السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ مُؤَيِّدَ الْمُلْكِ عَنْ وِزَارَتِهِ، وَوَلِيَهَا أَخُوهُ فَخْرُ الْمُلْكِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْأُمُورِ مَجْدُ الْمُلْكِ الْبَلَاسَانِيُّ، قَطَعَ أَرْسَلَانُ أَرْغُونَ مُرَاسَلَةَ بَرْكِيَارُقَ، وَقَالَ: لَا أَرْضَى لِنَفْسِي مُخَاطَبَةَ الْبَلَاسَانِيِّ، فَنَدَبَ بَرْكِيَارُقُ حِينَئِذٍ عَمَّهُ بُورْبُرُسِ بْنَ أَلْب أَرْسِلَانَ، وَسَيَّرَهُ فِي الْعَسَاكِرِ لِقِتَالِهِ.

وَكَانَ قَدِ اتَّصَلَ بِأَرْسِلَانَ عِمَادُ الْمُلْكِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَوَزَرَ لَهُ، فَلَمَّا وَصَلَتِ الْعَسَاكِرُ إِلَى خُرَاسَانَ لَقِيَهُمْ أَرْسَلَانُ أَرْغُوَنَ، وَقَاتَلَهُمْ، وَانْهَزَمَ مِنْهُمْ، وَسَارَ مُنْهَزِمًا إِلَى بَلْخَ، وَأَقَامَ بُورْبُرُسُ وَالْعَسَاكِرُ الَّتِي مَعَهُ بِهَرَاةَ.

ثُمَّ جَمَعَ أَرْغُونُ عَسَاكِرَ جَمَّةً وَسَارَ إِلَى مَرْوَ، فَحَصَرَهَا أَيَّامًا، وَفَتَحَهَا عَنْوَةً، وَقَتَلَ فِيهَا وَأَكْثَرَ، وَقَلَعَ أَبْوَابَ سُورِهَا وَهَدَمَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ بُورْبُرُسُ مِنْ هَرَاةَ فَالْتَقَيَا وَتَصَافَّا، فَانْهَزَمَ بُورْبُرُسُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .

وَسَبَبُ هَزِيمَتِهِ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَسَاكِرِ الَّتِي سَيَّرَهَا مَعَهُ بَرْكِيَارُقُ أَمِيرٌ آخَرُ مَلِكْشَاهْ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَالْأَمِيرُ مَسْعُودُ بْنُ تَاجَرَ، وَكَانَ أَبُوهُ مُقَدَّمَ عَسْكَرِ دَاوُدَ، جَدِّ مَلِكْشَاهْ، وَلِمَسْعُودٍ مَنْزِلَةٌ كَبِيرَةٌ، وَمَحَلٌّ عَظِيمٌ، عِنْدَ النَّاسِ كَافَّةً، وَكَانَ بَيْنَ أَمِيرٍ آخَرَ وَبَيْنَ أَرْسِلَانَ مَوَدَّةٌ قَدِيمَةٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَرْسَلَانُ أَرْغُوَنَ يَسْتَمِيلُهُ، وَيَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ.

ثُمَّ إِنَّ مَسْعُودَ بْنَ تَاجَرَ قَصَدَ أَمِيرَ آخَرَ زَائِرًا لَهُ، وَمَعَهُ وَلَدُهُ، فَأَخَذَهُمَا وَقَتَلَهُمَا، فَضَعُفَ أَمْرُ بُورْبُرُسَ، وَانْهَزَمَ مِنْ أَرْسِلَانَ أَرْغُوَنَ، وَتَفَرَّقَ عَسْكَرُهُ، وَأُسِرَ، وَحُمِلَ إِلَى أَرْسِلَانَ أَرْغُوَنَ، وَهُوَ أَخُوهُ، فَحَبَسَهُ بِتَرْمِذَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَخُنِقَ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ حَبْسِهِ، وَقَتَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>