ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ رِضْوَانَ وَأَخِيهِ دُقَاقَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الْمَلِكُ رِضْوَانُ إِلَى دِمَشْقَ، وَبِهَا أَخُوهُ دُقَاقُ، عَازِمًا عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ، فَلَمَّا قَارَبَهَا، وَرَأَى حَصَانَتَهَا وَامْتِنَاعَهَا، عَلِمَ عَجْزَهُ عَنْهَا، فَرَحَلَ إِلَى نَابُلُسَ، وَسَارَ إِلَى الْقُدْسِ لِيَأْخُذَهُ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ، وَانْقَطَعَتِ الْعَسَاكِرُ عَنْهُ، فَعَادَ وَمَعَهُ يَاغِي سِيَانَ، صَاحِبُ أَنْطَاكِيَةَ، وَجَنَاحُ الدَّوْلَةِ.
ثُمَّ إِنَّ يَاغِي سِيَانَ فَارَقَ رِضْوَانَ، وَقَصَدَ دُقَاقَ، وَحَسَّنَ لَهُ مُحَاصَرَةَ أَخِيهِ بِحَلَبَ، جَزَاءً لِمَا فَعَلَهُ، فَجَمَعَ عَسَاكِرَ كَثِيرَةً وَسَارَ وَمَعَهُ يَاغِي سِيَانَ، فَأَرْسَلَ رِضْوَانُ رَسُولًا إِلَى سُقْمَانَ بْنِ أُرْتُقَ، وَهُوَ بِسَرُوجَ، يَسْتَنْجِدُهُ، فَأَتَاهُ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنَ التُّرْكُمَانِ، فَسَارَ نَحْوَ أَخِيهِ، فَالْتَقَيَا بِقِنَّسْرِينَ، فَاقْتَتَلَا، فَانْهَزَمَ دُقَاقُ وَعَسْكَرُهُ، وَنُهِبَتْ خِيَامُهُمْ وَجَمِيعُ مَالِهِمْ، وَعَادَ رِضْوَانُ إِلَى حَلَبَ، ثُمَّ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُخْطَبَ لِرِضْوَانَ بِدِمَشْقَ قَبْلَ دُقَاقَ، وَبِأَنْطَاكِيَةَ، وَقِيلَ: كَانَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ لِلْعَلَوِيِّ الْمِصْرِيِّ بِوِلَايَةِ رِضْوَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَطَبَ الْمَلِكُ رِضْوَانُ فِي كَثِيرٍ مِنْ وِلَايَتِهِ لِلْمُسْتَعْلِي بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ، صَاحِبِ مِصْرَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ الْأَمِيرُ جَنَاحُ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّهِ، فَرَأَى مِنْ رِضْوَانَ تَغَيُّرًا، فَسَارَ إِلَى حِمْصَ، وَهِيَ لَهُ، فَلَمَّا رَأَى يَاغِي سِيَانَ بُعْدَهُ عَنْ رِضْوَانَ صَالَحَهُ، وَقَدِمَ إِلَيْهِ بِحَلَبَ، وَنَزَلَ بِظَاهِرِهَا.
وَكَانَ لِرِضْوَانَ مُنَجِّمٌ يُقَالُ لَهُ: الْحَكِيمُ أَسْعَدُ، وَكَانَ يَمِيلُ إِلَيْهِ، فَقَدَّمَهُ بَعْدَ مَسِيرِ جَنَاحِ الدَّوْلَةِ، فَحَسَّنَ لَهُ مَذَاهِبَ الْعَلَوِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ، وَأَتَتْهُ رُسُلُ الْمِصْرِيِّينَ يَدْعُونَهُ إِلَى طَاعَتِهِمْ، وَيَبْذُلُونَ لَهُ الْمَالَ، وَإِنْفَاذَ الْعَسَاكِرِ إِلَيْهِ لِيَمْلِكَ دِمَشْقَ، فَخَطَبَ لَهُمْ بِشَيْزَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute