كَانَ بَنُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ مُبْغِضِينَ لِقُرَيْشٍ مُضْطَغِنِينَ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ مِنْ قُصَيٍّ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ مَكَّةَ مَعَ مَنْ أَخْرَجَ مِنْ خُزَاعَةَ حِينَ قَسَّمَهَا رِبَاعًا وَخُطَطًا بَيْنَ قُرَيْشٍ. فَلَمَّا كَانُوا عَلَى عَهْدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هَمُّوا بِإِخْرَاجِ قُرَيْشٍ مِنَ الْحَرَمِ، وَأَنْ يُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَغْلِبُوهُمْ عَلَيْهِ. وَعَدَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى نَعَمٍ لِبَنِي الْهُونِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَاطَّرَدُوهَا، ثُمَّ جَمَعُوا جُمُوعَهُمْ وَجَمَعَتْ قُرَيْشٌ جُمُوعَهُمْ وَاسْتَعَدَّتْ، وَعَقَدَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الْحِلْفَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَحَابِيشِ، وَهُمْ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ وَبَنُو الْهُونِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ وَبَنُو الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ، فَلَقُوا بَنِي بَكْرٍ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ، وَعَلَى النَّاسِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَاقْتَتَلُوا بِذَاتِ نَكِيفٍ، فَانْهَزَمَ بَنُو بَكْرٍ وَقُتِلُوا قَتْلًا ذَرِيعًا فَلَمْ يَعُودُوا لِحَرْبِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ شُعْلَةَ الْفِهْرِيُّ:
فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِنْ عِصَابَةٍ ... غَوَتْ غَيَّ بَكْرٍ يَوْمَ ذَاتِ نَكِيفِ
أَنَاخُوا إِلَى أَبْيَاتِنَا وَنِسَائِنَا ... فَكَانُوا لَنَا ضَيْفًا بِشَرِّ مَضِيفِ
فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ بْنُ السَّفَّاحِ الْقَارِيُّ مِنَ الْقَارَةِ قَتَادَةَ بْنَ قَيْسٍ أَخَا بَلْعَاءَ بْنِ قَيْسٍ، وَاسْمُ بَلْعَاءَ مُسَاحِقٌ. وَيَوْمَئِذٍ قِيلَ: قَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا، وَالْقَارَةُ مِنْ وَلَدِ الْهُونِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ عَضَلَ بْنِ الدِّيشِ، قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ:
دَعُونَا قَارَةً لَا تُنْفِرُونَا ... فَنُجْفِلَ مِثْلَ إِجْفَالِ الظَّلِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute