بِنُصْرَةِ أَهْلِهِ، فَلَطَفَ اللَّهُ بِالْمُسْلِمِينَ بِوِلَايَةِ عِمَادِ الدِّينِ، فَفَعَلَ بِالْفِرِنْجِ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ قُدُومِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ إِلَى الرَّيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى الرَّيِّ فِي جَيْشٍ كَبِيرٍ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ دُبَيْسَ بْنَ صَدَقَةَ لَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ هُوَ وَالْمَلِكُ طُغْرُلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، لَمْ يَزَلْ يُطْمِعُهُ فِي الْعِرَاقِ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ قَصْدَهُ، وَيُلْقِي فِي نَفْسِهِ أَنَّ الْمُسْتَرْشِدَ بِاللَّهِ وَالسُّلْطَانَ مَحْمُودًا مُتَّفِقَانِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَجَابَهُ إِلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَلَمَّا سَارُوا وَصَلَ إِلَى الرَّيِّ، وَكَانَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ بِهَمَذَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ لِيَنْظُرَ هَلْ هُوَ عَلَى طَاعَتِهِ أَمْ قَدْ تَغَيَّرَ عَلَى مَا زَعَمَ دُبَيْسٌ، فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ بَادَرَ إِلَى الْمَسِيرِ إِلَى عَمِّهِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَمَرَ الْعَسْكَرَ جَمِيعَهُ بِلِقَائِهِ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى التَّخْتِ، وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ إِلَى مُنْتَصَفِ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ عَادَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ إِلَى خُرَاسَانَ، وَسَلَّمَ دُبَيْسًا إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، وَوَصَّاهُ بِإِكْرَامِهِ وَإِعَادَتِهِ إِلَى بَلَدِهِ، وَرَجَعَ مَحْمُودٌ إِلَى هَمَذَانَ وَدُبَيْسٌ مَعَهُ، ثُمَّ سَارَا إِلَى الْعِرَاقِ، فَلَمَّا قَارَبَا بَغْدَاذَ خَرَجَ الْوَزِيرُ إِلَى لِقَائِهِ، وَكَانَ قُدُومُهُ تَاسِعَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ [وَخَمْسِمَائَةٍ] .
وَكَانَ الْوَزِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَنْسَابَاذِيُّ قَدْ قَبَضَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ بِالسُّلْطَانِ سَنْجَرَ أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِ فَأَطْلَقَهُ، وَقَرَّرَهُ سَنْجَرُ فِي وِزَارَةِ ابْنَتِهِ الَّتِي زَوَّجَهَا بِالسُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، فَلَمَّا وَصَلَ مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ أَعَادَهُ مَحْمُودٌ إِلَى وِزَارَتِهِ فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَهِيَ وِزَارَتُهُ الثَّانِيَةُ.
ذِكْرُ عِدَّةَ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ثَامِنَ صَفَرٍ تُوُفِّيَ أَتَابَكْ طُغْتِكِينْ صَاحِبُ دِمَشْقَ، وَهُوَ مَمْلُوكُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute