وَغَيْرِهَا تُوُفِّيَ، وَمَلَكَهَا بَعْدَهُ وَلَدُهُ عَلِيٌّ، وَكَانَتْ وَالِدَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ أُخْتُ إِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى - وَهُمَا مِنَ الْأُمَرَاءِ - مَعَ زَنْكِي، وَكَانَا بِالْمَوْصِلِ، فَأَرْسَلَهَا وَلَدُهَا عَلِيٌّ إِلَى أَخَوَيْهَا، وَطَلَبَا لَهُ الْأَمَانَ مِنْ زَنْكِي، وَحَلَّفَاهُ لَهُ فَفَعَلَ، وَنَزَلَ إِلَى خِدْمَةِ زَنْكِي، وَأَقَرَّهُ عَلَى قِلَاعِهِ، وَاشْتَغَلَ زَنْكِي بِفَتْحِ قِلَاعِ الْهَكَّارِيَّةِ، وَكَانَ الشَّعْبَانِيُّ بِيَدِ أَمِيرٍ مِنَ الْمِهْرَانِيَّةِ اسْمُهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ، فَأَخْذَهُ مِنْهُ، وَقَرَّبَهُ مِنْهُ لِكِبَرِهِ وَقِلَّةِ أَعْمَالِهِ.
وَكَانَ نَصِيرُ الدِّينِ جَقَرَ يَكْرَهُ عَلِيًّا صَاحِبَ الرَّبِيَّةِ، وَغَيْرِهَا، فَحَسَّنَ لِزَنْكِي الْقَبْضَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، ثُمَّ نَدِمَ زَنْكِي عَلَى قَبْضِهِ فَأَرْسَلَ إِلَى نَصِيرِ الدِّينِ أَنْ يُطْلِقَهُ فَرَآهُ قَدْ مَاتَ، قِيلَ إِنَّ نَصِيرَ الدِّينِ قَتَلَهُ.
ثُمَّ أَرْسَلَ الْعَسْكَرُ إِلَى قَلْعَةِ الرَّبِيَّةِ فَنَازَلُوهَا بَغْتَةً، فَمَلَكُوهَا فِي سَاعَةٍ، وَأَسَرُوا كُلَّ مَنْ بِهَا مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ وَأَخَوَاتِهِ، وَكَانَتْ وَالِدَةُ عَلِيٍّ خَدِيجَةُ غَائِبَةً فَلَمْ تُوجَدْ، فَلَمَّا سَمِعَ زَنْكِي الْخَبَرَ بِفَتْحِ الرَّبِيَّةِ سَرَّهُ، وَأَمَرَ أَنْ تَسِيرَ الْعَسَاكِرُ إِلَى بَاقِي الْقِلَاعِ الَّتِي لَعَلِيٍّ، فَسَارَتِ الْعَسَاكِرُ فَحَصَرُوهَا، فَرَأَوْهَا مَنِيعَةً، فَرَاسَلَهُمْ زَنْكِي، وَوَعَدَهُمُ الْإِحْسَانَ، فَأَجَابُوهُ إِلَى التَّسْلِيمِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُطْلِقَ كُلَّ مَنْ فِي السِّجْنِ مِنْهُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمُوا أَيْضًا قَلْعَةَ كَوَاشَى، فَمَضَتْ خَدِيجَةُ وَالِدَةُ عَلِيٍّ إِلَى صَاحِبِ كَوَاشَى، وَاسْمُهُ خَوْلُ وَهْرُونَ، وَهُوَ مِنَ الْمِهْرَانِيَّةِ، فَسَأَلَتْهُ النُّزُولَ عَنْ كَوَاشَى، فَأَجَابَهَا إِلَى ذَلِكَ، وَتَسَلَّمَ زَنْكِي الْقِلَاعَ، وَأَطْلَقَ الْأَسْرَى، فَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِ هَذَا، فَقَالَ: يَنْزِلُ مِنْ مِثْلِ كَوَاشَى لِقَوْلِ امْرَأَةٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ النَّاسِ مُرُوءَةً لَا يَرُدُّ مَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ النَّاسِ عَقْلًا، وَاسْتَقَامَتْ وِلَايَةُ الْجِبَالِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوْقَعَ الدَّانِشْمَنْدُ صَاحِبُ مَلَطْيَةَ بِالْفِرِنْجِ الَّذِينَ بِالشَّامِ، فَقَتَلَ كَثِيرًا مِنْهُمْ، وَأَسَرَ كَثِيرًا، وَفِيهَا اصْطَلَحَ الْخَلِيفَةُ وَأَتَابَكْ زَنْكِي، وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عُزِلَ شَرَفُ الدِّينِ أَنُوشِرْوَانُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ وِزَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute