قَاتِلُ مُلَيْلٍ وَبُجَيْرٍ ابْنَيْ أَبِي مُلَيْلٍ وَمَالِكِ بْنِ حِطَّانَ وَغَيْرِهِمْ فَاقْتُلْهُ. قَالَ: إِنِّي مُعِيلٌ وَأَنَا أُحِبُّ اللَّبَنَ. قَالُوا: إِنَّكَ تُفَادِيهِ فَيَعُودُ فَيَحْرُبُنَا مَالَنَا، فَأَبَى عَلَيْهِمْ وَسَارَ بِهِ إِلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ لِئَلَّا يُؤْخَذَ فَيُقْتَلَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ عَامِرًا لِأَنَّ عَمَّتَهُ خَوْلَةُ بِنْتُ شِهَابٍ كَانَتْ نَاكِحًا فِيهِمْ، فَقَالَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ فِي ذَلِكَ:
لِلَّهِ عَتَّابُ بْنُ مَيَّةَ إِذْ ... رَأَى إِلَى ثَأْرِنَا فِي كَفِّهِ يَتَلَدَّدُ
أَتُحْيِي امْرَأً أَرْدَى بُجَيْرًا وَمَالِكًا ... وَأَتْوَى حُرَيْثًا بَعْدَمَا كَانَ يَقْصِدُ
وَنَحْنُ ثَأَرْنَا قَبْلَ ذَاكَ ابْنَ أُمِّهِ ... غَدَاةَ الْكُلَابِيِّينَ وَالْجَمْعُ يَشْهَدُ
فَلَمَّا تَوَسَّطَ عُتَيْبَةُ بُيُوتَ بَنِي عَامِرٍ صَاحَ بِسْطَامٌ: وَا شَيْبَانَاهُ! وَلَا شَيْبَانَ لِيَ الْيَوْمَ! فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْجَأَ إِلَى قُبَّتِي فَافْعَلْ فَإِنِّي سَأَمْنَعُكَ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَاقْذِفْ نَفْسَكَ فِي الرَّكِيِّ. فَأَتَى عُتَيْبَةُ تَابِعَهُ مِنَ الْجِنِّ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ بِبَيْتِهِ فَقُوِّضَ. فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَأَخَذَ سِلَاحَهُ ثُمَّ أَتَى مَجْلِسَ بَنِي جَعْفَرٍ، وَفِيهِ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ الْغَنَوِيُّ، فَحَيَّاهُمْ وَقَالَ: يَا عَامِرُ قَدْ بَلَغَنِي الَّذِي أَرْسَلْتَ بِهِ إِلَى بِسْطَامٍ فَأَنَا مُخَيِّرُكَ فِيهِ خِصَالًا ثَلَاثًا. فَقَالَ عَامِرٌ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي خَلْعَتَكَ وَخَلْعَةَ أَهْلِ بَيْتِكَ حَتَّى أُطْلِقَهُ لَكَ، فَلَيْسَتْ خَلَعَتُكَ وَخَلْعَةُ أَهْلِ بَيْتِكَ بِشَرٍّ مِنْ خَلْعَتِهِ وَخَلْعَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ. فَقَالَ عَامِرٌ: هَذَا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ. قَالَ عُتَيْبَةُ: ضَعْ رِجْلَكَ مَكَانَ رِجْلِهِ فَلَسْتَ عِنْدِي بِشَرٍّ مِنْهُ. فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ. قَالَ عُتَيْبَةُ: تَتْبَعُنِي إِذَا جَاوَزْتُ هَذِهِ الرَّابِيَةَ فَتُقَارِعُنِي عَنْهُ عَلَى الْمَوْتِ. فَقَالَ عَامِرٌ: هَذِهِ أَبْغَضُهُنَّ إِلَيَّ. فَانْصَرَفَ بِهِ عُتَيْبَةُ إِلَى بَنِي عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَرَأَى بِسْطَامٌ مَرْكَبَ أُمِّ عُتَيْبَةَ رَثًّا فَقَالَ: يَا عُتَيْبَةُ هَذَا رَحْلُ أُمِّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَحْلَ أُمِّ سَيِّدٍ قَطُّ مِثْلَ هَذَا. فَقَالَ عُتَيْبَةُ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا أُطْلِقُكَ حَتَّى تَأْتِنِي أُمُّكَ بِحِدْجِهَا، وَكَانَ كَبِيرًا ذَا ثَمَنٍ كَثِيرٍ، وَهَذَا الَّذِي أَرَادَ بِسْطَامٌ لِيَرْغَبَ فِيهِ فَلَا يَقْتُلَهُ. فَأَرْسَلَ بِسْطَامٌ فَأَحْضَرَ حِدْجَ أُمِّهِ وَفَادَى نَفْسَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ بَعِيرٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute