وَابْنِ قَارُوتَ أَخِي زَوْجَةِ السُّلْطَانِ ; لِأَنَّهُمَا كَانَ لَهُمَا نَصِيبٌ فِي الَّذِي يَأْخُذُهُ الْعَيَّارُونَ.
وَكَانَ النَّائِبُ فِي شِحْنَكِيَّةِ بَغْدَادَ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ اسْمُهُ إِيلْدِكْزُ، وَكَانَ صَارِمًا مِقْدَامًا ظَالِمًا، فَحَمَلَهُ الْإِقْدَامُ إِلَى أَنْ حَضَرَ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَقَالَ لَهُ السُّلْطَانُ:
إِنَّ السِّيَاسَةَ قَاصِرَةٌ، وَالنَّاسُ قَدْ هَلَكُوا، فَقَالَ:
يَا سُلْطَانَ الْعَالَمِ، إِذَا كَانَ عَقِيدُ الْعَيَّارِينَ وَلَدَ وَزِيرِكَ وَأَخَا امْرَأَتِكَ، فَأَيُّ قُدْرَةٍ لِي عَلَى الْمُفْسِدِينَ؟ وَشَرَحَ لَهُ الْحَالَ، فَقَالَ لَهُ:
السَّاعَةَ تَخْرُجُ وَتَكْبِسُ عَلَيْهِمَا أَيْنَ كَانَا وَتَصْلُبُهُمَا، فَإِنْ فَعَلْتَ وَإِلَّا صَلَبْتُكَ، فَأَخَذَ خَاتَمَهُ، وَخَرَجَ فَكَبَسَ عَلَى ابْنِ الْوَزِيرِ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَأَخَذَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَكَبَسَ عَلَى ابْنِ قَارُوتَ فَأَخْذَهُ وَصَلَبَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ وَهَرَبَ ابْنُ الْوَزِيرِ، وَشَاعَ فِي النَّاسِ الْأَمْرُ، وِرُثِيَ ابْنُ قَارُوتَ مَصْلُوبًا، فَهَرَبَ أَكْثَرُ الْعَيَّارِينَ، وَقُبِضَ عَلَى مَنْ أَقَامَ، وَكَفَى النَّاسَ شَرَّهُمْ.
ذِكْرُ حَصْرِ سَنْجَرَ خُوَارَزْمَ وَصُلْحِهِ مَعَ خُوَارَزْمَ شَاهْ
قَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ [وَخَمْسِمَائَةٍ] مَسِيرَ سَنْجَرَ إِلَى خُوَارَزْمَ وَمُلْكِهِ لَهَا، وَعَوْدَ أُتْسِزَ خُوَارَزْمَ شَاهْ إِلَيْهَا وَأَخْذَهَا، وَمَا كَانَ مِنْهُ بِخُرَاسَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ إِلَى خُوَارَزْمَ، فَجَمَعَ خُوَارَزْمُ شَاهْ عَسَاكِرَهُ، وَتَحَصَّنَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا لِقِتَالٍ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَقْوَى لِسَنْجَرَ.
وَكَانَ الْقِتَالُ يَجْرِي بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ وَرَاءِ السُّورِ، فَاتُّفِقَ [فِي] يَوْمٍ مِنْ بَعْضِ الْأَيَّامِ أَنْ هَجَمَ أَمِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ سَنْجَرَ اسْمُهُ سُنْقُرُ عَلَى الْبَلَدِ مِنَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ وَدَخَلَهُ، وَدَخَلَ أَمِيرٌ آخَرُ اسْمُهُ مِثْقَالٌ التَّاجِيُّ مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ مُلْكِهِ قَهْرًا وَعَنْوَةً، وَانْصَرَفَ مِثْقَالٌ عَنِ الْبَلَدِ حَسَدًا لِسُنْقُرَ، فَقَوِيَ عَلَيْهِ خُوَارَزْمُ شَاهْ أُتْسِزُ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْبَلَدِ، وَبَقِيَ سُنْقُرُ وَحْدَهُ، وَاشْتَدَّ فِي حِفْظِهِ، فَلَمَّا رَأَى السُّلْطَانُ قُوَّةَ الْبَلَدِ، وَامْتِنَاعَهُ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى مَرْوَ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ مِنْ غَيْرِ قَاعِدَةٍ تَسْتَقِرُّ بَيْنَهُمَا، فَاتُّفِقَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute