لَقَدْ صُمَّتْ بَنُو زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو
وَلَا يُوفِي بِبِسْطَامٍ قَتِيلُ ... فَخَرَّ عَلَى الْأَلَاءَةِ لَمْ يُوَسَّدْ
كَأَنَّ جَبِينَهُ سَيْفٌ صَقِيلُ ... فَإِنْ يَجْزَعْ عَلَيْهِ بَنُو أَبِيهِ
فَقَدْ فُجِعُوا وَفَاتَهُمُ جَلِيلُ ... بِمِطْعَامٍ إِذَا الْأَشْوَالُ رَاحَتْ
إِلَى الْحَجَرَاتِ لَيْسَ لَهَا فَصِيلُ
فَلَمْ يَبْقَ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ بَيْتٌ إِلَّا وَأُلْقِيَ لِقَتْلِهِ لِعُلُوِّ مَحَلِّهِ، وَقَالَ شَمْعَلَةُ بْنُ الْأَخْضَرِ بْنِ هُبَيْرَةَ الضَّبِّيُّ يَذْكُرُهُ:
فَيَوْمُ شَقِيقَةِ الْحَسَنَيْنِ لَاقَتْ ... بَنُو شَيْبَانَ آجَالًا قِصَارَا
شَكَكْنَا بِالرِّمَاحِ، وَهُنَّ زُورٌ ... صِمَاخَيْ كَبْشِهِمْ حَتَّى اسْتَدَارَا
وَأَوْجَرْنَاهُ أَسْمَرَ ذَا كُعُوبٍ ... يُشَبِّهُ طُولَهُ مَسَدًا مُغَارَا
الشَّقِيقَةُ: أَرْضٌ صَلْبَةٌ بَيْنَ جَبَلَيْ رَمْلٍ. وَالْحَسَنَانِ: نَقَوَا رَمْلٍ كَانَتِ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَتْ أُمُّ بِسْطَامِ بْنِ قَيْسٍ تَرِثِيهِ:
لِيَبْكِ ابْنَ ذِي الْجَدَّيْنِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ... فَقَدْ بَانَ مِنْهَا زَيْنُهَا وَجَمَالُهَا
إِذَا مَا غَدَا فِيهِمْ غَدَوْا وَكَأَنَّهُمْ ... نُجُومُ سَمَاءٍ بَيْنَهُنَّ هِلَالُهَا
فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثْلَهُ فَتًى ... إِذَا الْخَيْلُ يَوْمَ الرَّوْعِ هَبَّ نِزَالُهَا
عَزِيزُ الْمَكَرِّ لَا يُهَدُّ جَنَاحُهُ ... وَلَيْثٌ إِذَا الْفِتْيَانُ زَلَّتْ نِعَالُهَا
وَحَمَّالُ أَثْقَالٍ وَعَائِدُ مَحْجَرٍ ... تَحُلُّ إِلَيْهِ كُلُّ ذَاكَ رِحَالُهَا
سَيَبْكِيكَ عَانٍ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَفُكُّهُ ... وَيَبْكِيكَ فُرْسَانُ الْوَغَى وَرِجَالُهَا
وَتَبْكِيكَ أَسْرَى طَالَمَا قَدْ فَكَكْتَهُمْ ... وَأَرْمَلَةٌ ضَاعَتْ وَضَاعَ عِيَالُهَا