الْمَلِكِ مُحَمَّدِ شَاهْ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، وَكَاتَبَ حِينَئِذٍ الْأَكْرَادَ الْكُرَّ الَّذِينَ هُنَاكَ، وَاسْتَدْعَاهُمْ إِلَيْهِ، فَفَرِحُوا بِهِ، وَنَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَأَطَاعُوهُ، فَرَحَلَ وَنَزَلَ عَلَى كَرْخَايَا، وَطَلَبَ مِنْ شَمْلَةَ الْحَرْبَ، فَأَلَانَ لَهُ شَمْلَةُ الْقَوْلَ، وَقَالَ: أَنَا أَخْطُبُ لَكَ وَأَكُونُ مَعَكَ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، فَاضْطُرَّ شَمْلَةُ إِلَى الْحَرْبِ، فَجَمَعَ عَسْكَرَهُ وَقَصَدَهُ، فَلَقِيَهُ مَلِكْشَاهْ وَمَعَهُ سُنْقُرُ الْهَمَذَانِيُّ وَقُوَيْدَانُ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ شَمْلَةُ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَصَعِدَ إِلَى قَلْعَتِهِ دُنْدَرْزِينُ وَمَلَكَ مَلِكْشَاهْ الْبِلَادَ، وَجَبَى الْأَمْوَالَ الْكَثِيرَةَ وَأَظْهَرَ الْعَدْلَ، وَتَوَجَّهَ إِلَى أَرْضِ فَارِسَ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ التُّرْكُمَانِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ بِخُرَاسَانَ
كَانَ بِنُوَاحِي قُهِسْتَانَ طَائِفَةٌ مِنَ التُّرْكُمَانِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ جَمْعٌ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ مِنْ قِلَاعِهِمْ، وَهُمْ أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ، فَأَوْقَعُوا بِالتُّرْكُمَانِ، فَلَمْ يَجِدُوا الرِّجَالَ، وَكَانُوا قَدْ فَارَقُوا بُيُوتَهُمْ، فَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ، وَأَخَذُوا النِّسَاءَ وَالْأَطْفَالَ، وَأَحْرَقُوا مَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى حَمْلِهِ.
وَعَادَ التُّرْكُمَانُ فَرَأَوْا مَا فُعِلَ بِهِمْ، فَتَبِعُوا أَثَرَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَأَدْرَكُوهُمْ وَهُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنِيمَةَ، فَكَبَّرُوا وَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ، وَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ، فَقَتَلُوهُمْ كَيْفَ شَاءُوا، فَانْهَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ وَتَبِعَهُمُ التُّرْكُمَانُ حَتَّى أَفْنَوْهُمْ قَتْلًا وَأَسْرًا، وَلَمْ يَنْجُ إِلَّا تِسْعَةُ رِجَالٍ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَ فَسَادُ التُّرْكُمَانِ أَصْحَابِ بُرْجُمَ الْإِيوَائِيِّ بِالْجَبَلِ، فَسُيِّرَ إِلَيْهِمْ مِنْ بَغْدَادَ عَسْكَرٌ مُقَدَّمُهُمْ مُنْكُبْرُسُ الْمُسْتَرْشَدِيُّ، فَلَمَّا قَارَبَهُمُ اجْتَمَعَ التُّرْكُمَانُ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا هُمْ وَمُنْكُبْرُسُ، فَانْهَزَمَ التُّرْكُمَانُ أَقْبَحَ هَزِيمَةٍ، وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ، وَأُسِرَ بَعْضٌ، وَحُمِلَتِ الرُّءُوسُ وَالْأَسَارَى إِلَى بَغْدَادَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute