الْكَمِينُ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ الْمُؤَيَّدِ وَقُتِلَ مِنْهُمْ جَمْعٌ، وَعَادَ الْبَاقُونَ إِلَى الْمُؤَيَّدِ بِنَيْسَابُورَ.
وَسَيَّرَ جَيْشًا إِلَى بُوشَنْجِ هَرَاةَ، وَهِيَ فِي طَاعَةِ الْمَلِكِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْغُورِيِّ، فَحَصَرُوهَا، وَاشْتَدَّ الْحِصَارُ عَلَيْهَا، وَدَامَ الْقِتَالُ وَالزَّحْفُ، فَسَيَّرَ الْمَلِكُ مُحَمَّدُ الْغُورِيُّ جَيْشًا إِلَيْهَا ; لِيَمْنَعَ عَنْهَا، فَلَمَّا قَارَبُوا هَرَاةَ فَارَقَهَا الْعَسْكَرُ الَّذِينَ يَحْصُرُهَا، وَعَادُوا عَنْهَا وَصَفَتْ تِلْكَ الْوِلَايَةُ لِلْغُورِيِّ.
ذِكْرُ أَخْذِ ابْنِ مَرْدَنِيشَ غَرْنَاطَةَ مِنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ وَعَوْدِهَا إِلَيْهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ أَهْلُ غَرْنَاطَةَ مِنْ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ، وَهِيَ لِعَبْدِ الْمُؤْمِنِ، إِلَى الْأَمِيرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَمَشْكَ صِهْرِ ابْنِ مَرْدَنِيشَ. فَاسْتَدْعُوهُ إِلَيْهِمْ ; لِيُسَلِّمُوا إِلَيْهِ الْبَلَدَ، وَكَانَ قَدْ وَحَّدَ، وَصَارَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وَفِي طَاعَتِهِ، وَمِمَّنْ يُحَرِّضُهُ عَلَى قَصْدِ ابْنِ مَرْدَنِيشَ. فَفَارَقَ طَاعَةَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وَعَادَ إِلَى مُوَافَقَةِ ابْنِ مَرْدَنِيشَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ رُسُلُ أَهْلِ غَرْنَاطَةَ سَارَ مَعَهُمْ إِلَيْهَا، فَدَخَلَهَا وَبِهَا جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، فَامْتَنَعُوا بِحِصْنِهَا، فَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا سَعِيدٍ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ وَهُوَ بِمَدِينَةِ مَالِقَةَ، فَجَمَعَ الْجَيْشَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ وَتَوَجَّهَ إِلَى غَرْنَاطَةَ لِنُصْرَةِ مَنْ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِهِمْ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَمَشْكَ، فَاسْتَنْجَدَ ابْنُ مَرْدَنِيشَ، مَلِكَ الْبِلَادِ بِشَرْقِ الْأَنْدَلُسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَلْفَيْ فَارِسٍ مِنْ أَنْجَادِ أَصْحَابِهِ وَمِنَ الْفِرِنْجِ الَّذِينَ جَنَّدَهُمْ مَعَهُ، فَاجْتَمَعُوا بِضَوَاحِي غَرْنَاطَةَ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَمَنْ بِغَرْنَاطَةَ مِنْ عَسْكَرِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَبْلَ وُصُولِ أَبِي سَعِيدٍ إِلَيْهِمْ، فَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وَقَدِمَ أَبُو سَعِيدٍ، وَاقْتَتَلُوا أَيْضًا، فَانْهَزَمَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَثَبَتَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْفُرْسَانِ الْمَشْهُورِينَ، وَالرَّجَّالَةِ الْأَجْلَادِ، حَتَّى قُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَانْهَزَمَ حِينَئِذٍ أَبُو سَعِيدٍ وَلَحِقَ بِمَالَقَةَ.
وَسَمِعَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ الْخَبَرَ، وَكَانَ قَدْ سَارَ إِلَى مَدِينَةِ سَلَا، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ فِي الْحَالِ ابْنَهُ أَبَا يَعْقُوبَ يُوسُفَ فِي عِشْرِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، فِيهِمْ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِ الْمُوَحِّدِينَ، فَجَدُّوا الْمَسِيرَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ مَرْدَنِيشَ، فَسَارَ بِنَفْسِهِ وَجَيْشِهِ إِلَى غَرْنَاطَةَ لِيُعِينَ ابْنَ هَمَشْكَ، فَاجْتَمَعَ مِنْهُمْ بِغَرْنَاطَةَ جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَنَزَلَ ابْنُ مَرْدَنِيشَ فِي الشَّرِيعَةِ بِظَاهِرِهَا، وَنَزَلَ الْعَسْكَرُ الَّذِي كَانَ أَمَدَّ بِهِ ابْنَ هَمَشْكَ أَوَّلًا، وَهُمْ أَلْفَا فَارِسٍ، بِظَاهِرِ الْقَلْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute